وثائق أمريكية: هذه آلية نهب الأمراء السعوديين لمقدرات بلدهم.. حتى الأمراء الأموات يقبضون رواتبهم الشهرية!

وطن- عندما باعت الحكومة البريطانية، السعودية للأمريكيين لتسد ديونها التي استدانتها اثناء الحرب العالمية الثانية، نبه الأنجليز الحكومة الامريكية بخصوص عيوب “العهدة” عند تسليمها: امامكم امراء جشعون فاسدون بلا حدود فلا تفلتوا لجامهم!، والعجيب كان الرد الأمريكي: هذا ما نريده!

لكن يبدو ان الأمريكيين رأوا فسادا فوق خيالهم، حتى حين ذهب الأمير مشاري بن عبدالعزيز لأمريكا ليعرض حصصه من النفط الخام للزبائن الأمريكيين، لاحقته المخابرات الأمريكية لتخبر الزبائن ب”ان هذا الامير مجرم فاسد وأنه هو قاتل نائب القنصل البريطاني من أجل زجاجة خمر”.

الآن تكشف وثائق أمريكية وجهتها السفارة الأمريكية في السعودية إلى الخارجية الأمريكية، في منتصف تسعينات القرن الماضي، عن الأسلوب الجهنمي المتبع لنهب مقدرات الدولة السعودية من قبل هؤلاء الأمراء، وأكدت في تقرير اعدته وارسله السفير الأمريكي في الرياض وايتش فولر للخارجية الأمريكية، تحت بند: سري، والذي كان قد بدأ عمله للتو كسفير في السعودية عام ١٩٩٦، من أنه في هذا التقرير قد اهتم بآلية نهب الثروات المتبع لا بحجمها واحصاءها لكنه وعد بأنه سيلحق بتقرير آخر يتحدث فيه عن حجم وأنشطة إعمال الأمراء السعوديين.(لم نعثر له على أثر).

فمن خلال هذا التقرير المؤرخ بتاريخ ٣٠ نوفمبر ١٩٩٦ والمعنون ب”ثروة العائلة المالكة السعودية: من أين لهم كل هذه الأموال؟»، والذي يقدم تفصيلا عن “نظام المحسوبية الملكي السعودي”. فيبدا التقرير بملخص : “الأمراء والأميرات السعوديون عددهم بالآلاف، يُعرفون بثرواتهم الضخمة وسعيهم إلى تبذيرها”.

ويخلص إلى أن العائلة المالكة تنظر إلى هذا البلد وثروته النفطية على أنها شركة آل سعود، وان كل ما في السعودية هي من حقهم الطبيعي.

ويأتى التقرير على الطريقة “الرسمية” في كيفية تحويل جزء من الميزانية لجيوب الأمراء والاميرات من خلال رواتب شهرية تدفع لهم عبر الإدارة العامة للمقررات والقواعد التابعة لوزارة المالية والتي تدير المدفوعات للامراء والأميرات ويتراوح الراتب الشهري بين مئتي الف الى مئتي وسبعين الف دولار شهريا لكل حفيد من احفاد الملك عبدالعزير ال سعود، أما اولاد الأحفاد فكل واحد منهم يحصل على ١٣ الف دولار، واحفاد الاحفاد يحصلون على ٨ الاف دولار شهريا، كما تدفع رواتب شهرية أيضا لبقية أفراد أسرة آل سعود لكنها أقل من أحفاد الملك عبدالعزيز وتصل على الأقل ٨٠٠ دولار شهريا للفروع البعيدة من ال سعود، كاحفاد “بن جلوي” ومعهم احفاد “العرايف” من ال سعود المغضوب عليهم حتى يومنا هذا، ويبدأ الراتب يدفع منذ لحظة الولادة، حتى أن بعضهم ينجب فقط من أجل زيادة الراتب كما تشير الوثائق.

يضاف لهذه المرتبات مبالغ أخرى عند الزواج او بناء قصور أو للعلاج، تذكر الوثيقة ان قصورا بنيت ولم تسكن لأن اصحابها الأمراء لم يحبوها!.

أيضا تقوم الإدارة بدفع رواتب ل “آل الشيخ” احفاد الشيخ محمد عبدالوهاب بالتسلسل.

أيضا تدفع رواتب لاعضاء من عائلة السديري الذين ناسبهم الملك عبدالعزيز وانجب أولاده الذين لهم السطوة في الحكم منذ أمد بعيد.

أيضا تدفع رواتب لاحفاد الذين رافقوا الملك عبدالعزيز آل سعود في غزواته التي سيطر من خلالها على الجزيرة العربية.

كما تدفع الإدارة الهبات والعطايا التي وعد بها الأمير عبد الله او الأمير سلمان (قبل ان يصبح ملكا ) وأمراء آخرون لأشخاص ما.

تحدث عبدالعزيز الشبيلي (غير السجين حاليا) مدير الإدارة العامة للمقررات والقواعد التابعة لوزارة المالية، للمسؤول الاقتصادي في السفارة الأمريكية، من أنه يضطر بناء على أوامر من قبل أمراء كبار لإرسال أشخاص للعلاج أكثر من مرة وعن نفس الأمراض، مع انها تعالج لهم بالمجان داخل السعودية.

كما كشف التقرير من ان عملية التقشف التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز بخصوص مصاريف الأمراء لم تكن فعلية، فقد اعادت فقط ترتيب الأوراق والتحقق من كل طلب لإثبات “احقيته” بالراتب، ومن خلال هذا التحقق والتشديد كشف “الشبيلي” للمسؤول الأمريكي من ان مندوبين عن أمراء أموات كان يتلقون رواتبهم بشكل مستمر!.

كما اشار التقرير من ان رواتب أبناء واحفاد الذين قاتلوا مع الملك عبدالعزيز، مرتبطة بالرقم التسلسلي للبارودة التي استخدمت في الحروب مع الملك عبدالعزيز.

كما يتحدث التقرير عن طريقة أخرى لحصول الأمراء على أموال وهي عبر اقتراضهم من البنوك وعدم سدادها، فكل البنوك مباحة لهم ما عدا البنك الأهلي التجاري لأنه يعد بنكا خاصا للعائلة المالكة، والذي يقدم “قروضا” لأقل من عشرة أمراء، ومع ذلك يعاني من قروض ضخمة متعثرة أحدها تسبب فيه الأمير سطام بن عبدالعزيز، والقرض الآخر من قبل أحد أبناء الأمير سلمان (الملك لاحقا)، لم يذكر اسم الأمير، كما تحدث التقرير عن انخفاض أرباح البنك السعودي الأمريكي(سامبا) بسبب القروض المعدومة من قبل أمراء على راسها قرض معدوم من قبل الشيخ وليد الإبراهيم شقيق زوجة الملك فهد.

وتشير الوثيقة إلى أن الأمراء الكبار لهم نفقاتهم الخاصة فهم أكبر من الميزانية واكبر من وزارة المالية، فهم يسيطرون على عدة بلايين من الدولارات ومشاريع ضخمة تدر لهم دخلا كبيرا، ناهيك عن حصصهم من النفط التي تباع خصيصا لاجلهم بعيدا عن أي حسابات، تحدث الأمير “الوليد بن طلال” لمعدي التقرير (طلبوا عدم البوح بإسمه) بأن هناك مليون برميل نفط يباع يوميا خصيصا لصالح خمسة او ستة أمراء، من ضمن الحصة الإنتاجية للسعودية التي تبلغ ٨ ملايين برميل يوميا (آنذاك).

“مملكة الشبوك” : وتحدث التقرير عن مصادرة الأمراء للأراضي من عامة الناس، وخاصة حين يعلم الأمراء بنية الحكومة إقامة مشروع ما على أرض يمتلكها مواطن سعودي ما، يقوم الأمير ب “تشبيكها” ومصادرتها وتملكها بسطوة القانون الذي عادة ما يجير لصالحه بسبب اللقب الذي يسبق اسمه، ومن ثم يقوم ببيعها للحكومة بالمبلغ الذي يريده، معظم الشكاوى التي وردت بخصوص “تشبيك” الأراضي تعود للأمير سلطان بن عبدالعزيز وأولاده وأولاد الملك فهد، أحد الشكاوى تتعلق بثمة وقف إسلامي لأسرة من مكة تحتفظ به منذ قرون، فجأة تحول لملكية امير سعودي.

كما ورد اسم الأمير عبدالعزيز بن فهد كأحد الذين استولوا على مناطق شاسعة من الأراضي بطرق غير قانونية.
كما ورد اسم الأمير مشعل بن عبدالعزيز كأحد المستولين على أراضي العامة ايضا وحتى الأراضي الحكومية استولى عليها دون أن يتعرض لأي نوع من الردع.

كما ورد اسم شقيقه، متعب والذي سبق وأن وعده والده الملك عبد العزيز بحق صيد السمك في المملكة وبناء على هذا الوعد استولى على العديد من الأراضي والشواطىء في المنطقة الشرقية، وحين اسست الحكومة السعودية، الشركة الوطنية لصيد الاسماك، جعلته شريكا رئيسيا فيها.

كما تحدث التقرير عن وسائل أخرى يحصل الأمراء على الأموال من خلالها كالاتجار بالتاشيرات، حين يدفع كل عامل ما يقرب من مئة دولار شهريا للأمير الذي منحه التأشيرة للعمل بحرية في السوق السعودية.
كما تحدث التقرير عن مسارين يتعلقان ب”الاقتصاد الملكي” ولا يخضعان للميزانية ولا وزارة المالية وهما سريان للغاية حسب التقرير، ويستفيد منهما حفنة من الأمراء على رأسهم الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع، وهما: مشروع الحرمين الشريفين و”مستلزمات” وزارة الدفاع.

وخلص التقرير إلى أن جشع الأمراء السعوديين تجاوز حدود الخيال، لدرجة ان رجال أعمال سعوديين اضطروا لنقل استثماراتهم خارج المملكة حتى لا تتعرض للنهب من قبل أمراء، وان التبذير أيضا تجاوز حدود الخيال، حيث أن الأموال التي استطاع الأمراء الحصول عليها في آخر عشرين سنة، لم تجعل منهم “مليارديرات” في حين تجد المليارديرات من غير الأمراء أكثر من الأمراء.

(شاهد) وثيقة بريطانية تثبت تجنيد الإنجليز للملك عبدالعزيز بن سعود عام 1897 في الكويت

كما خلص التقرير الى ان الخطر لا زال قائما على الأسرة ما لم تتم السيطرة على تجاوزات العائلة المالكة التي تنظر إلى هذا البلد على أنه “شركة آل سعود” وان ثروات البلد هي من حقهم الطبيعي.

ورغم أن خطة الملك عبدالله بن عبدالعزيز محدودة وغير جدية الا ان الأميرين نايف وسلمان (الملك حاليا) سعيا إلى مواجهة الملك عبدالله ليتراجع عن تقليصه للمخصصات الملكية التي جعلت دخل بعضهم يتراجع عن الاغداقات المعهودة التي تكلف الخزانة السعودية قرابة عشرة مليارات دولار سنويا، وخطوة الملك عبدالله جاءت بعد تحذير امريكي من نقمة شعبية فيما لو عرف العامة عن المليارات التي تنهب من قبل العائلة المالكة دون حساب كما اشار تقريرا نشره ويكيليكس.

في عام ٢٠٠٦ التقى أحد مسؤولي السفارة الأمريكية في السعودية بالشاب السعودي “سلطان العطار” الذي رافق الملك عبدالله بن عبدالعزيز في رحلته للصين واحد المقربين للعائلة المالكة، قال للمسؤول الأمريكي أنه “يعشق” الملك عبدالله ولو ان آل سعود لديهم مثل عبدالله سيحكمون السعودية لألف سنة!”، وذم البقية قائلا لو جاء الأمير سلطان للحكم مثلا فسيبني سورا حول المملكة، اي سينهبها بالكامل على طريقة “تشبيك” الأراضي عند الاستيلاء عليها من العامة من قبل الأمراء.

العجيب أنه جاء اميرا وقبل أن “يحكم” قام بنهب الأمراء والعامة على السواء ووضع “شبكا” على المملكة كلها، وتحول الشاب سلطان العطار الى رجل أعمال كبير حاليا وصار من المقربين لوزير الترفيه “تركي الشيخ” ومن الحاكم غير المتوج ل”مملكة الشبوك” ايضا!.

Exit mobile version