عبودية جنسية ورصاص يقتحم المنازل.. شهادات مبكية لأخطر جرائم الحرب في السودان

وطن- مع استمرار اقتتال العسكريين في السودان منذ منتصف أبريل الماضي، وثقت منظمة العفو الدولية تفشي جرائم الحرب وقتل المدنيين في هجمات متعمدة وعشوائية من قِبل طرفي النزاع، وهما قوات الجيش وقوات الدعم السريع.

وقال التقرير الذي صدر بعنوان “جاء الموت إلى بيتنا: جرائم الحرب ومعاناة المدنيين في السودان“، إنَّ جرائم حرب واسعة النطاق تُرتكب في السودان في الوقت الذي يجتاح فيه النزاع بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية البلاد.

ووثق التقرير، الخسائر الجماعية في صفوف المدنيين في الهجمات المتعمدة والعشوائية التي تشنها الأطراف المتحاربة. كما فصّل العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، والهجمات المستهدفة على الأعيان المدنية مثل المستشفيات والكنائس، وأعمال النهب على نطاق واسع.

حرب السودان
نزوج عدد كبير من السودانيين

وترقى بعض الانتهاكات الموثقة مثل الهجمات التي تستهدف المدنيين، والهجمات على البنية التحتية الإنسانية، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والنهب، إلى جرائم حرب، وقد ركز التقرير في المقام الأول على الخرطوم وغرب دارفور.

رعبٌ لا يمكن تصوره في السودان

وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “المدنيون في جميع أنحاء السودان يعيشون رعبًا لا يمكن تصوره كل يوم بينما تتنافس قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية بتهور للسيطرة على الأراضي”.

وأضافت: “يُقتل الناس في قلب منازلهم، أو أثناء بحثهم اليائس عن الطعام والماء والدواء. ويقعون في مرمى النيران أثناء فرارهم، وتُطلق النار عليهم عمدًا في هجمات مستهدفة. وتعرضت عشرات النساء والفتيات، بعضهن لا تتجاوز أعمارهن 12 عامًا، للاغتصاب ولأشكال أخرى من العنف الجنسي على أيدي أفراد من الأطراف المتحاربة. لا يوجد مكان آمن”.

حرب السودان
هروب السودانيين مع بطش الحرب المستعرة

وأشارت إلى أن العنف المتصاعد في إقليم دارفور، حيث تتسبب قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في موت ودمار لا يوصفان، يُذكر بشبح حملات الأرض المحروقة في العقود السابقة، والتي تشمل في بعض الأحيان بعض الجهات الفاعلة نفسها.

وتابعت: “يجب على قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، فضلًا عن الجماعات المسلحة التابعة لها، وضع حد لاستهدافها للمدنيين، وضمان المرور الآمن لأولئك الذين يبحثون عن الأمان. ويجب اتخاذ خطوات عاجلة لضمان العدالة والتعويض للضحايا والناجين”.

ومنذ 15 أبريل الماضي، تُقاتل القوات المسلحة السودانية (بقيادة رئيس المجلس السيادي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان) وقوات الدعم السريع شبه العسكرية (بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي) من أجل السيطرة على السودان.

وبالنظر إلى حجم القتال والتنظيم من كلا الجانبين، فإن الوضع يعتبر نزاعًا مسلحًا غير دولي بموجب اتفاقيات جنيف. وبذلك فإن القتال بين الأطراف يحكمه القانون الإنساني الدولي، الذي يسعى إلى حماية المدنيين وغيرهم من غير المقاتلين في النزاعات المسلحة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يبقى ساريًا على هذا النوع من النزاعات.

جرائم حرب في السودان

تشكل بعض الانتهاكات الجسيمة لهذه القواعد جرائم حرب يمكن أن يتحمل الجنود والقادة المسؤولية الجنائية عنها على المستوى الفردي، حيث يُقتل الناس في قلب منازلهم، أو أثناء بحثهم اليائس عن الطعام والماء والدواء

وقُتل رجال ونساء وأطفال في مرمى النيران المتبادلة، حيث يشن الجانبان، مستخدمان في كثير من الأحيان أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق، هجمات متكررة في الأحياء المدنية المكتظة بالسكان.

حرب السودان
جرائم حرب في السودان

وبدأ القتال في حي الكلاكلة في جنوب الخرطوم في 20 أبريل، وأبلغ كودي عباس، وهو مدرّس يبلغ من العمر 55 عامًا، منظمة العفو الدولية أن اثنين من أبنائه، وهما حسن، البالغ من العمر ستة أعوام، وإبراهيم، البالغ من العمر ثمانية أعوام، وابن أخيه كوكو، البالغ من العمر سبعة أعوام، قتلوا أثناء محاولتهم الفرار من إطلاق النار.

وأضاف: “هربت زوجتي وأطفالي من المنزل عندما اندلعت اشتباكات في حيّنا لكن أصغر أبنائي كانا صغيرين ولم يستطيعا الهرب بالسرعة الكافية.. لا أعرف من أطلق النار عليهم.. الحرب قتلتهم”.

وقُتلت آلاء فوزي المردي، وهي طبيبة تبلغ من العمر 26 عامًا، في منزلها في حي المنارة في أم درمان في 15 أبريل/نيسان، وهو اليوم الذي اندلعت فيه الاشتباكات للمرة الأولى، وقالت: “لقد دمّرت تلك الرصاصة عائلتنا في غضون ثوانٍ قليلة”.

فوزي المردي الذي قُتلت ابنته آلاء في منزلها في أم درمان قال إن زوجته أصيبت بجروح خطيرة أيضًا، وأضاف: “في ذلك الصباح استيقظنا على جحيم.. كان صوت إطلاق النار والقصف في كل مكان، بلا هوادة.. كنت قلقًا على ابنتي آلاء التي ذهبت للعمل في المستشفى”.

وأضاف: “بعد دقائق قليلة من وصولها إلى المنزل، اخترقت رصاصة نافذة غرفة الجلوس، وأصابت زوجتي في وجهها. اخترقت الجانب الأيمن من وجهها ورقبتها، ثم أصابت آلاء في صدرها، فقتلتها على الفور”.

وتابع: “لقد دمّرت تلك الرصاصة عائلتنا في غضون ثوان قليلة… بمجرد وصول [آلاء] إلى المنزل، حيث كان ينبغي أن تكون آمنة، خيّم شبح الموت على منزلنا”.

كما أبلغ العديد من المدنيين منظمة العفو الدولية، عن إصابتهم بجروح ومقتل أقاربهم حيث كانوا يبحثون عن الأمان. ففي 6 يونيو، أدت الضربات المتكررة بمقذوفات تُطلق من البر في غرب دارفور إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين في مساكن الطالبات بجامعة الجنينة وحولها، حيث كان العديد من الناس يحتمون بعد فرارهم من القتال في أحيائهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى