وطن- كشف تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، وفقاً لمسؤولين أمريكيين، عن محتوى صفقة جديدة بين الولايات المتحدة والسعودية اتفقا على خطوطها العريضة بالفعل، وفيها تعترف السعودية بإسرائيل مقابل تنازلات للفلسطينيين وضمانات أمنية أمريكية ومساعدة الرياض على تطوير برنامج نووي مدني.
وحسب الصحيفة الأمريكية، فقد أعرب المسؤولون الأمريكيون عن تفاؤل حذر من أنه في الأشهر التسعة إلى الاثني عشر القادمة، يمكنهم التوصل إلى تفاصيل أدق لما يمكن أن يكون “أهم اتفاق سلام في الشرق الأوسط منذ 30 عاماً”. لكنهم يحذرون من أنهم يواجهون احتمالات متزايدة.
برنامج نووي سعودي مقابل التطبيع مع إسرائيل
وتأتي هذه الجهود المكثفة بعد أن التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة قبل أسبوعين، مع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، في محاولة لتسريع المحادثات.
وانتقل المفاوضون الآن إلى مناقشة التفاصيل، حسب الصحيفة، بما في ذلك تلبية الطلبات السعودية بأن تساعدهم الولايات المتحدة في تطوير برنامج نووي مدني وتقديم ضمانات أمنية لن يكون هناك تراجع عنها.
يسعى السعوديون أيضًا إلى الحصول على تنازلات كبيرة من إسرائيل، من شأنها أن تساعد في تعزيز إنشاء دولة فلسطينية. في المقابل، تضغط الولايات المتحدة على المملكة العربية السعودية لفرض قيود على علاقتها المتنامية مع الصين.
قال أحد كبار المسؤولين الأمريكيين: “هناك خطة عمل لاستكشاف عناصر ما سيكون عليه الأمر واختبار حدود ما هو ممكن”، حسب مانقلت عنه وول ستريت جورنال.
تنازلت أمريكية للسعودية
وحسب مسؤولين أمريكيين، تأتي هذه الجهود المتطورة للمحادثات بوصفها نتاجاً لاعتراف، واشنطن والرياض وتل أبيب، بأن الوقت قد حان الآن لمحاولة التوسط في صفقة.
حاول بايدن تقليل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، ونسج تحالفًا أمنيًا إقليميًا قادرًا على مواجهة التهديدات الإيرانية بدعم أمريكي محدود.
وبينما يقول المسؤولون الأمريكيون إن بايدن لم يقرر بعد السعر الذي يرغب في دفعه، فإن تركيز الرئيس على الصفقة هو انعكاس لوجهة نظره بأن أمريكا يجب أن تظل لاعباً مركزياً في الشرق الأوسط لاحتواء إيران، والمحافظة على عزل روسيا في خضم حربها في أوكرانيا، وأيضاً إحباط جهود الصين الرامية للحلول عوضاً عن واشنطن ومصالحها في المنطقة.
وفي مقابل التنازلات الأمريكية الكبيرة للسعودية، تحاول إدارة بايدن الحصول على تأكيدات من المملكة العربية السعودية بأنها ستنأى بنفسها – اقتصاديًا وعسكريًا – عن الصين، كما يقول المسؤولون الأمريكيون.
واشنطن تسعى لـ “تحييد” الرياض أمام التغوّل الصيني
قال المسؤولون إن الولايات المتحدة يمكن أن تسعى للحصول على تأكيدات من المملكة العربية السعودية بأنها لن تسمح للصين ببناء قواعد عسكرية في المملكة – وهي قضية أصبحت نقطة حساسة خاصة بين إدارة بايدن والإمارات العربية المتحدة.
وقالوا إن المفاوضين قد يسعون أيضًا إلى فرض قيود على المملكة العربية السعودية باستخدام التكنولوجيا التي طورتها شركة هواوي الصينية والتأكيدات بأن الرياض ستستخدم الدولار الأمريكي، وليس اليوان الصيني، لتسعير مبيعات النفط.
ومن المُتوقع أيضًا أن تبحث الولايات المتحدة عن طرقٍ لإنهاء الخلاف بشأن أسعار النفط الذي تدفعه تخفيضات الإنتاج المتكررة في المملكة العربية السعودية.
محمد بن سلمان غير مستعدّ لتطبيع شامل
يقول المسؤولون الأمريكيون العاملون في هذه القضية، إن محمد بن سلمان جاد في محاولة التوسط في الصفقة المذكورة.
لكن وفقا لمسؤولين سعوديين، فقد أبلغ ولي العهد مساعديه أنه غير مستعد لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل على غرار العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة، التي وقعت اتفاقا في عام 2020.
وأضافوا أن ولي العهد أبلغ مستشاريه بأنه ليس في عجلة من أمره، خاصة مع الحكومة الائتلافية المتشددة الحالية في إسرائيل التي تعارض إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
هل تقدّم إسرائيل تنازلات للسعودية؟
أشارت “وول ستريت جورنال” إلى أنّ إحدى العقبات الرئيسية التي تواجه المفاوضين هي التنازلات، التي سيتعين على إسرائيل تقديمها للفلسطينيين مقابل تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية.
وفي الصدد، يقول المسؤولون الأمريكيون والسعوديون، إنه سيتعين على إسرائيل تقديم عرض مهمّ يُعزز الجهود المبذولة لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
وحسب الصحيفة الأمريكية، “يقلل القادة الإسرائيليون من أهمية القضية الفلسطينية في المحادثات”. قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق من هذا الأسبوع إن القضية (الفلسطينية) تُطرح في المفاوضات “أقل بكثير مما تعتقدون”.
وتتابع الصحيفة أنه “لا تزال هذه القضية من أقل النقاط تطوراً في المحادثات، بحسب الأشخاص المطلعين على المناقشات”.
بدوره، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي لـ وول ستريت جورنال إن المفاوضين لم يطرحوا بعد أفكارًا محددة مع القادة الإسرائيليين.
وأوضح أنه “في الوقت الحالي، لا نعرف حتى من أين نبدأ. لا يزالان يتعاملان مع القضايا الأساسية بينهما. لذلك يبدو أنه من السابق لأوانه حتى مناقشتها”.
للسعودية حسابات أخرى
“وول ستريت جورنال” قالت إن “صبر المسؤولين السعوديين تجاه القادة الفلسطينيين المتصلبين والمنقسمين بدعم شعبي محدود، يتضائل”.
“لكن باعتبارها موطنًا لأهم الأماكن المقدسة في الإسلام، فإن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى الحصول على تنازل ذي مغزى من إسرائيل لدرء انتقادات الخصوم في إيران وتركيا، الذين يتطلعون إلى اتهام المملكة بسحق أحلام الفلسطينيين في بسحق أحلام الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة”، تواصل الصحيفة الأمريكية.
هل تقبل تل أبيب بـ “نووي سعودي”؟
أعرب مسؤولون إسرائيليون عن مخاوفهم بشأن سعي المملكة العربية السعودية، لتطوير برنامجها للطاقة النووية، وهو أمر يرون أنه تسريع خطير لسباق التسلح النووي الإقليمي، حسب وول ستريت جورنال.
وعلى الرغم من أن إسرائيل لن تعترف بذلك علنًا، فهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية، ولا تريد أن ترى آخرين ينضمون إلى النادي الصغير.
وحسب الصحيفة، يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من أن الدعم الأمريكي لبرنامج نووي مدني في المملكة العربية السعودية، يمكن أن يمهد الطريق للرياض لتطوير أسلحة نووية، وهو ما قال ولي العهد السعودي إنه سيفعله إذا فعلت إيران ذلك أولاً.
#محمد_بن_سلمان ،، السعوديه لاتسعى لامتلاك سلاح نووي ولكن اذا ايران امتلكت سلاح نوويه سنمتلكه وباسرع وقت
لله درك اسددد pic.twitter.com/MMmEeg1da4— د. عواد الذايدي🇸🇦 (@dr_Awwad) March 15, 2018
وقال “تساحي هنغبي” إن لديه “ثقة كاملة” في أن “أيًا كان ما ستقرره الولايات المتحدة” بشأن هذه القضية سوف يعالج المخاوف الإسرائيلية.
ومن المتوقع أيضًا أن تخضع تفاصيل الصفقة للتدقيق في الكونجرس، حيث يكره العديد من المشرعين تقديم تنازلات لمحمد بن سلمان، الذي يقول مسؤولو المخابرات الأمريكية إنه أعطى الضوء الأخضر في عام 2018 لإرسال فريق اغتيال سعودي إلى اسطنبول لقتل الصحفي جمال خاشقجي، على حدّ تعبير الصحيفة.
مخاوف المشرّعين الأمريكيين تتصاعد
أثار المشرعون الأمريكيون بالفعل مخاوف بشأن احتمال أن تقدم أمريكا للسعودية ضمانات ملزمة بالمعاهدة، بأن الولايات المتحدة ستدافع عن المملكة إذا تعرضت للهجوم – وهو ضمان يتطلب موافقة مجلس الشيوخ. حتى الضمانات الأمنية الأقل التي لا تتطلب دعمًا صريحًا من الكونجرس من المرجح أن تواجه مقاومة في واشنطن.
يعارض بعض المشرعين الحديث عن توسيع مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، والتي وضع بايدن قيودًا عليها عندما تولى منصبه في عام 2021 احتجاجًا على استخدام المملكة للأسلحة الأمريكية في اليمن.
وختمت الصحيفة تقريرها موضحة أنه “إذا تمكنت الولايات المتحدة من التفاوض على صفقة مقبولة للقادة السعوديين والإسرائيليين والفلسطينيين والكونغرس، فإن إدارة بايدن تأمل حينئذٍ أن يؤدي الضغط العالمي لدعم صفقة تاريخية إلى دفع أحزاب المعارضة في إسرائيل إلى الانضمام إلى نتنياهو والمصادقة عليها، وهو أمر رفضوا حتى الآن النظر فيه”.