وطن- هاجم ياسين أقطاي، السياسي التركي البارز والمستشار السابق للرئيس رجب طيب أردوغان، رأس النظام السوري بشار الأسد، منتقداً تعنته في رفض لقاء أردوغان وعدم تقديره للتصريحات الداعية للتقارب معه سواء من قبل العرب أو الأتراك في سبيل التوصل إلى حل سياسي بسوريا.
وكان بشار الأسد قد سخر من دعوات اللقاء مع الرئيس التركي أردوغان وقال في مقابلة بثتها قناة “سكاي نيوز عربية”، الأربعاء الماضي: “لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط أردوغان.. اللقاء من دون جدول أعمال يعني من دون تحضير”.
وتساءل ساخرًا: “لماذا نلتقي أنا وأردوغان لكي نشرب المرطبات مثلاً!”
وأضاف الأسد بحسب المقابلة المذكورة “هدفنا هو الانسحاب (التركي) من الأراضي السورية.. هدف أردوغان من الجلوس معي هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا”.
وفي معرض رده على هذا الكلام الذي وصف بالاستفزازي قال ياسين أقطاي، في مقالة نشرتها صحيفة “يني شفق” التركية، إن المبادرات الجديدة أو سياسات التطبيع أو التقارب التي شرعت فيها تركيا مؤخرًا، خاصة مع الدول التي واجهت مشاكل معها منذ سنوات ، هي انعكاس لنهجها حسن النية ، لا سيما مخاوفها بشأن السلام والاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة.
ومن بين تلك المبادرات التي أطلقتها تركيا كان تحسين العلاقات مع دول الخليج، وكذلك سوريا، حيث أظهر أردوغان انفتاحاً غير متوقع بقوله “لا يوجد ما يمنعني من لقاء الأسد”، إلا أن الوضع -وفق أقطاي- ليس على مستوى يغذي هذا التفاؤل، فلا الأسد يستحق مدّ هذه اليد ولا الأوضاع في سوريا ملائمة.
شجاعة أردوغان
وأضاف أقطاي أن أردوغان أظهر الشجاعة في فتح باب بهذه المرحلة مع العديد من الدول مؤخرًا.
هجوم على الجامعة العربية
وانتقد أقطاي إعادة الأسد إلى جامعة الدول العربية دون أي محاسبة، موضحاً أنه باعتباره مسؤولاً عن جميع المشاكل في بلاده فإن ذلك يخلق وضعاً يجب أن تشكك فيه جامعة الدول العربية في وظيفتها وسبب وجودها.
وأضاف: “اليوم، يعيش ما لا يقل عن 12 مليون عربي سوري في حالة من البؤس في جميع أنحاء العالم، وخاصة في تركيا، بسبب الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الأسد في بلده… يجب أولاً وقبل كل شيء أن تهتم جامعة الدول العربية بحالة العرب في العالم بسبب الأسد”.
وتابع: “ألا يجب أن تخجل دول الجامعة العربية من هذا؟ أليس كون العرب لاجئين هنا وهناك ولا يزالون محرومين من أبسط الظروف المعيشية، ألا يفكرون بهم وبشرف العرب؟”.
تركيا ليست غازية
وهاجم أقطاي تعنت الأسد ورفضه لقاء أردوغان ووصفه تواجد الجيش التركي شمال سوريا بالغزو، مؤكداً أن تصريحاته “بمثابة تحذير من أنه لا ينبغي أبداً معاملة بعض الأشخاص بأكثر مما يستحقون، إذ يوجد ما لا يقل عن 5 ملايين شخص (1.5 مليون منهم عادوا إلى دول أوروبية أو أماكن آمنة في سوريا) من الفارّين من مذابحهم دخلوا الأراضي التركية منذ 13 عاماً”.
واستطرد: أين عقل الأسد؟ كان سيقول: “لو لم تفتح تركيا الباب لهم، لكنتُ فعلتُ ما كنت سأفعله بهم، لكنت قتلتهم”.
وأشار أقطاي إلى وجود تهديد إرهابي لتركيا من سوريا وبسبب هذا التهديد يحق لتركيا أن تكون هناك في إطار الإجراءات الوقائية، موضحاً أن الأسد ليس لديه النية ولا الاستعداد لمنع هذا التهديد لتركيا، فوالده كان هو الذي يغذي حزب العمال الكردستاني في سوريا منذ سنوات.
حماية دولية لحلب
لكن السبب الأكثر جدية الذي يجبر تركيا على الوجود في سوريا حسب ياسين أقطاي، هو اللاجئين الذين اضطروا للاحتماء بها بسبب مجازر الأسد، حيث يوجد 3.5 مليون لاجئ سوري في تركيا، إضافة إلى نحو 5 ملايين من السوريين في الشمال الذين قد ينزحون إليها، بالتالي فإن وجود تركيا داخل سوريا “عادل وشرعي” وفق القانون الدولي.
وقال أقطاي إن أهم شرط للسوريين في تركيا الذين يتوقع عودتهم إلى بلادهم هو التأكد من عدم تعرضهم لظلم الأسد، وتركيا وفرت هذه الشروط جزئياً في المناطق الآمنة التي أنشأتها بثلاث عمليات في الشمال السوري.
ودعا أقطاي إلى وضع حلب التي تعتبر مصدراً رئيسياً للهجرة تحت سيطرة الأمم المتحدة وإنشاء منطقة آمنة فيها، مؤكداً أنه طالما ظل الأسد هناك، فلن يتمكن ما لا يقل عن 1.5 مليون سوري في تركيا من العودة.
وتابع: “لا جدوى من معارضة الأسد، تحتاج تركيا إلى البدء بالمطالبة بجعل حلب وحتى حمص وحماة (ليس بالضرورة تحت سيطرتها، لكن ربما تحت سيطرة الأمم المتحدة) آمنة.
من هو ياسين أقطاي؟
وولد “ياسين أقطاي” في مدينة “سيرت” التركية عام 1966، وتخرج من قسم علم الاجتماع في جامعة METU في عام 1990، وحصل على درجة الماجستير في عام 1993 عن أطروحة بعنوان “المنازعات السياسية والفكرية حول تعليم المعرفة الدينية”.
في عام 1997 ، حصل على درجة الدكتوراه بأطروحة بعنوان “الجسد والنص والهوية والخطاب الإسلامي الأصيل”.
بين عامي 1992 و 2012 ، عمل محاضرًا في قسم علم الاجتماع في جامعة سلجوق. وهو حاليًا عضو هيئة تدريس في جامعة أنقرة يلدريم بيازيد ، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ، قسم علم الاجتماع.
كما ترأس بين عامي 2010 و 2014 ، معهد التفكير الاستراتيجي في أنقرة. وعمل مستشاراً سابقاً للرئيس التركي أردوغان ، وهو عضو في جمعية “توبا”، ويكتب في جريدة “يني شفق”.