وطن- سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها الضوء، على ظاهرة استقطاب الإمارات للأموال الروسية وعمليات غسيل الأموال هناك، رغم العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، حيث فتحت الإمارات ذراعيها لكل ما هو روسي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، ما سمح بتدفق نفط وذهب وأموال الروس إلى الدولة الخليجية.
ولفت تقرير الصحيفة إلى أنه بعد عام ونصف من الصراع في أوكرانيا، تعد الإمارات واحدة من دول قليلة استفادت من الفرص الاقتصادية مع روسيا.
دفء العلاقات بين أبوظبي وموسكو، أزعج أمريكا ـ الشريك الأمني الأقرب للإمارات ـ لكن الأموال الروسية أصبحت مهمة للغاية للاقتصاد الإماراتي بحيث يتعذر رفضها، وفق وصف التقرير.
وبحسب “بينوا فوكون وروري جونز” كاتبا التقرير بـ”وول ستريت جورنال“، فإن “البنوك هنا (الإمارات) تصطاد المواهب من موسكو لإدارة تدفق الأموال الروسية، وينقل تجار دبي النفط والذهب الروسي أكثر من أي وقت مضى، فيما يغذي المشترون الروس طفرة العقارات في المدينة، ويتعاملون غالبا نقدا (بعيدا عن البنوك)”.
كما أفادا بأن “عشرات الآلاف من الروس انتقلوا إلى الإمارات في العام الماضي، مما جعل المجتمع الناطق بالروسية واحدا من أكثر المجتمعات وضوحا في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي تسعة ملايين نسمة”.
الإمارات تصطاد في الماء العكر
و”أدى الحظر الغربي على النفط الروسي إلى إعادة توجيه أكبر لصادرات موسكو إلى الإمارات، التي تشتريها بأسعار مخفضة وتقوم إما بإعادة بيعها أو تكريرها في منتجات تُباع بأسعار السوق، وهي تجارة لا تتعارض بشكل عام مع العقوبات الغربية”، كما تابع فوكون وجونز.
وأردفا أن “ذلك أدى إلى تحويل مركز ثقل صناعة تجارة النفط إلى دبي من موطنها السابق في جنيف”، وقد ضاعفت الإمارات واردات النفط الخام الروسي ثلاث مرات في 2022 إلى مستوى قياسي بلغ 60 مليون برميل”.
كما تتدفق العملات الأجنبية إلى الإمارات، وبعد الغزو الروسي، زادت بنسبة 20٪ شهريا منذ مايو/ أيار 2022 مقارنة بالعام السابق، وفقا لشركة “كالبيتال إيكونوميكس” (Capital Economics) ومقرها لندن.
و”الآن، تندمج الثروة الروسية في الإمارات، وأصبحت أكثر ديمومة مما كانت عليه في الأشهر الأولى بعد بدء الحرب، عندما ظهرت اليخوت والطائرات الخاصة بمواطنين روس في الدولة الخليجية بحثا عن ملجأ من العقوبات”، بحسب فوكون وجونز.
وزادا بأنه “لطالما كانت دبي مركزا للذهب، وهي تتداول الآن في الذهب الروسي بكميات أكبر، إذ استوردت الإمارات ما قيمته 4 مليارات دولار من الذهب الروسي بين 24 فبراير/ شباط 2022 و3 مارس/ آذار الماضي، ارتفاعا من 61 مليون دولار خلال 2021 ، وفقا لبيانات جمارك جمعتها الولايات المتحدة، وكانت شركة طيران الإمارات المملوكة لحكومة دبي، أحد الشاحنين المنتظمين للذهب من روسيا العام الماضي”.
محمد بن زايد يلعب على الحبلين
كما أشار تقرير “وول ستريت جورنال” إلى أن “رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان”، يحاول أن يظل صديقا لكل من أوكرانيا وروسيا منذ غزو موسكو، وقد حذرت واشنطن الإماراتيين من مساعدة موسكو في التهرب من العقوبات، لكنها ترى أيضا فائدة في وجود حليف له رؤية واضحة في التعاملات الروسية”.
وتابع التقرير “قال مسؤولون ومستشارون (أمريكيون) سرا إنهم لن يمنعوا تجارة النفط الروسية التي تمر عبر الإمارات، طالما أن الإماراتيين يحترمون سقف السعر الذي فرضته مجموعة الدول السبع الغنية والذي يحد من الإيرادات التي يتلقاها الكرملين، وقد حظرت أوروبا واردات الذهب الروسي، لكنها لا تنطبق على الإمارات طالما أنها لا تبيع إلى دول تخضع لعقوبات”.
“لكن الولايات المتحدة حذرت الإمارات، بحسب مسؤولين ومستشارين أمريكيين، من أي تسهيلات لتسليح روسيا أو أي خرق صريح لبرنامج العقوبات، وفي يونيو/ حزيران الماضي، فرضت عقوبات على مؤسسة تجارية إماراتية صغيرة كانت تشتري المعادن من جماعة المرتزقة الروسية فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى شركة طيران روسية، مقرها إمارة الشارقة، كانت تنقل مرتزقة فاجنر ومعداتها في أفريقيا”، وفقا لفوكون وجونز.
وقال مسؤول إماراتي للصحيفة إن بلاده “لديها عملية قوية للتعامل مع الأشخاص والشركات الخاضعة للعقوبات، وهي على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول تداعيات الصراع في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي”، مشددا على أن “البنوك تراقب الامتثال للعقوبات المفروضة على روسيا لمنع انتهاكات القانون الدولي”.