أزمة تزيد من أوجاع السيسي .. هل أبلغت السعودية عن طائرة الكنز المصرية؟
شارك الموضوع:
وطن- نشر موقع ميدل إيست مونيتور، تقريرا عن واقعة طائرة الكنز المصرية التي وصلت زامبيا، محملة بكميات من الذهب والأسلحة والدولارات، معتبرا أنها تزيد من أوجاع نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وقال التقرير: “يقال إن الأشياء السيئة غالباً ما تأتي في ثلاثات. وهذا هو الحال مع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يواجه صعوبة في سداد الديون الخارجية للبلاد، حيث تعاني البلاد من انقطاع الكهرباء ونقص حاد في الدولارات وتسريبات حول الفساد. والآن تأتي فضيحة طائرة الكنز لتثير قلق السيسي”.
وأضاف أن الطائرة غادرت القاهرة وهبطت في زامبيا الأسبوع الماضي، وهي تحمل ملايين الدولارات والذهب والأسلحة، وصادرتها السلطات الزامبية على الفور.
طائرة الكنز تزيد أوجاع نظام السيسي
ويثير صمت المسؤولين المصريين وعدم قيام النائب العام بالتحقيق في الحادثة، تساؤلات حول مدى تورط جهات سيادية؛ وربما حتى الصراعات داخل النظام المصري التي أشعلت الأزمة.
وكانت الطائرة الخاصة التي وصلت إلى مطار كينيث كاوندا الدولي، تحمل نحو 5.7 مليون دولار و127 كيلوغراما من الذهب والمسدسات والذخائر. ووفقا للزامبيين، تمت مداهمتها بعد ورود بلاغ بأنها كانت تحمل موادا خطيرة، وتم احتجاز الطاقم والركاب.
ولم يتم الكشف عن مصدر البلاغ. ومع ذلك، تشير التكهنات إلى أن شخصًا ما داخل أجهزة الأمن والمخابرات في مصر كان وراء التسريب.
وتعززت هذه التكهنات من خلال تقارير، عن وجود صلات بين الطائرة ورجل الأعمال في سيناء إبراهيم العرجاني المقرب من محمود السيسي، نجل الرئيس المصري.
ويشتبه في تورط العرجاني في الهجوم على مقر الأمن الوطني بالعريش الشهر الماضي، في محاولة للإفراج عن معتقلين ينتمون لقبيلة الترابين التي ينتمي إليها، ويقول البعض إنّ من يقفون وراء الهجوم حصلوا على أموالهم في زامبيا.
العرجاني هو عضو مجلس إدارة الجهاز القومي لتنمية شبه جزيرة سيناء، وهي هيئة اقتصادية عامة تتبع وزارة الدفاع المصرية، وتتولى مسؤولية منح حق التملك أو الاستخدام للمصريين والأجانب للأراضي، وكذلك إدارة واستثمار الأراضي في سيناء.
هل أبلغت السعودية عن مسار طائرة الكنز؟
وقال محلل سياسي مصري، طلب عدم ذكر اسمه، إنّه قد يكون جرى الإبلاغ عن مسار الطائرة من داخل مصر أو خارجها، خاصة من المملكة العربية السعودية، في ظل غضب الرياض من نهب المساعدات الخليجية للقاهرة وتهريبها إلى حسابات مصرفية سرية.
وبحسب منصة “فلايت رادار 24” لتتبع الطائرات والرحلات الجوية، فإنّ طائرة بومباردييه جلوبال إكسبريس إكس آر المحتجزة قامت بعشرات الرحلات الجوية عبر مطار القاهرة إلى وجهات سعودية وإماراتية وإسرائيلية، بالإضافة إلى دول عربية وإفريقية أخرى، أبرزها ليبيا.
ومن المثير للقلق أنّ السلطات المصرية لم تكشف عن هوية من كانوا على متن الطائرة. وهذا ما عزز الشكوك حول كونهم شخصيات كبيرة جدًا قد تكون مرتبطة بالنظام وبالتالي يجب حمايتهم.
وتزايدت الشكوك، بعد أن تم الكشف عن أن مطار القاهرة لم يكن محطة ترانزيت، وأنّ الرحلة أقلعت من صالة كبار الشخصيات رقم 4، مع صعود الركاب أو البضائع هناك دون تفتيش. وهذا يتناقض مع الرواية الرسمية بأن الطائرة ليست مصرية، وأنها كانت رحلة ترانزيت، كما نقلت وكالة الأنباء المصرية الرسمية.
وكشف تحقيق أجرته السلطات الزامبية، أنّ مساعد الملحق العسكري بالسفارة المصرية في واشنطن كان على متن الطائرة، لكن من غير المعروف ما إذا كان لا يزال يخدم في الجيش المصري.
أسماء ركاب طائرة الكنز
وأسماء المعروفين بوجودهم على متن الطائرة هم: ياسر مختار عبد الغفور الششتاوي؛ مايكل عادل ميشيل بطرس؛ منير شاكر جرجس عوض؛ وليد رفعت فهمي بطرس؛ ونهى صلاح الدين علي نديم، إلى جانب مواطن زامبي ومواطن هولندي وإسباني ولاتفي.
وزعم الصحفي والكاتب المصري المقيم في الخارج جمال سلطان، على فيسبوك، أن أحد المصريين يحمل جواز سفر دبلوماسي، والكمية المهربة أكبر بكثير مما تم الإعلان عنه.
ولعل هذه المعلومات قد تفسر قرار السلطات المصرية بمنع نشر أي أخبار عن الحادث، مما اضطر المواقع الإخبارية المصرية إلى حذف الأخبار الخاصة بالطائرة من مواقعها الإلكترونية.
وهذا يفسر أيضًا سبب اعتقال الصحفي كريم أسعد من فريق منصة متصدقش، ونشرت الصحيفة معلومات حول هوية من كانوا على متن الطائرة، وتم إطلاق سراح الأسعد لاحقاً بعد تدخل نقابة الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان.
علاوة على ذلك، قالت منصة “متصدقش” إن صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي تعرضت لخرق أمني، وتم حذف مقالتين من صفحة فيسبوك بعد تغطيتها لحادث الطائرة الزامبية، وكشفت عن تورُّط عدد من المسؤولين المصريين، وأضافت أنها تحمل السلطات الأمنية المصرية مسؤولية سلامة أعضاء فريقها.
تسريبات الفساد
وتزايد الجدل في الشارع المصري حول الفضيحة، تزامنا مع نشر تسريبات تتضمن فسادا في مشروعات كبرى بمليارات الدولارات افتتحها السيسي قبل سنوات.
وبث اليوتيوبر المصري عبد الله الشريف، قبل أيام مقطع فيديو قال إنه مسرب من داخل قاعدة محمد نجيب العسكرية. وأظهرت الصور الملتقطة من الصوب الزراعية، شتلات محترقة وأضرارا جسيمة في المشروع الذي افتتح عام 2018 بتكلفة 16 مليار جنيه مصري (نحو 500 مليون دولار).
كما كشف الشريف عن حقائق الفساد في مشروع اللاهون الزراعي بمحافظة الفيوم. وأظهر مقطع فيديو، الصوب الزراعية وهي مدمرة، بعد فشل الشركة الوطنية للزراعات الوقائية في تشغيلها.
تفاقم المشكلات أمام السيسي
كل هذا يؤدي إلى تفاقم مشاكل السيسي قبل أشهر قليلة من موعد الترشيحات للانتخابات الرئاسية المقبلة. ويأمل السيسي أن يفوز بولاية ثالثة حتى عام 2030.
ومع ذلك، هناك تقارير متداولة عن استياء خليجي من سياساته، وشعور بأن عشر سنوات من حكم الرئيس السيسي كافية، ويجب استبداله برئيس آخر من داخل المؤسسة العسكرية.
تأثير أزمة الطائرة على الحصول على قرض جديد
وقد تتفاقم أزمة طائرة الكنز مع قيام المؤسسات المالية الدولية بتقييد تعاملها مع نظام السيسي، نظرا لتهريب ملايين الدولارات في وقت تعاني فيه مصر من نقص حاد في العملة الصعبة وتطلب قرضا جديدا آخر من صندوق النقد الدولي.
ومن شبه المؤكد أن المهام الغامضة التي نفذتها الطائرات على مر السنين ستوضع تحت المجهر، وقد تتسع الفضيحة إذا تم الكشف عن تورط شركاء إقليميين ودوليين وشخصيات مؤثرة.
وتظهر الصور المتداولة أن مكان سقوط الطائرة تزامن في كثير من الأحيان مع تواجد وفود من المخابرات والأمن المصرية. ومن بين هؤلاء مسؤولين من المخابرات المصرية برفقة العرجاني في ليبيا، بالإضافة إلى وزير الداخلية محمود توفيق على رأس وفد أمني مصري يشارك في الدورة الأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس.
وقد تتجه القاهرة في اتجاه آخر للخروج من هذا الوضع الصعب، مع وصول وفد رسمي رفيع للتفاوض مع لوساكا، وربما تسليم الطائرة ومحتوياتها للحكومة الزامبية، مقابل إغلاق الملف وإخفاء النتائج.
وقد تتدخل أطراف إسرائيلية وخليجية للضغط على لوساكا من أجل التغطية على الفضيحة وإنقاذ حليفها (السيسي)، وبخاصة مع تزايد الاتهامات على وسائل التواصل الاجتماعي بتهريب ما يقرب من نصف تريليون دولار.
وعملية التهريب الأخيرة ليست الأولى من نوعها، حيث قامت الطائرة التي تم ضبطها في زامبيا بإجمالي 125 رحلة من وإلى مصر.
لكن الأزمة قد تصبح أكثر تعقيدا، مع تعهد الرئيس الزامبي هاكايندي هيشيليما بمحاكمة المتورطين في الحادث، بغض النظر عن هويتهم أو جنسيتهم. وشدد في كلمة متلفزة الجمعة الماضية، على أن حادثة المطار جريمة وربما تكون أعمق مما يظهر على السطح.