وطن- كشف رئيس الوزراء العراقي الأسبق “إياد علاوي” جوانب خفية وغير مكشوفة من حياته السياسية ومجريات الأحداث التي شهدها العراق أيام الرئيس السابق صدام حسين وإبان الغزو الأمريكي للبلاد وتفاصيل من محاولة اغتيال تعرض لها في لندن.
وقال علاوي في لقاء مع الصحفي اللبناني “غسان شربل ” لصحيفة الشرق الأوسط” السعودية إن أمريكا خرّبت العراق وإيران كانت شريكتها. وأكد أنه لم يزر إيران يوماً ورفض استجداء رئاسة الوزراء من الخارج.
وذكر علاوي أن الرئيس الأمريكي الحالي “جو بايدن” تدخل لديه مرات عدة في عهد باراك أوباما لإقناعه بالتخلي عن حقه لمصلحة بقاء نوري المالكي كرئيس للوزراء إرضاء لإيران.
وكشف السياسي العراقي عن محاولة تصفية تعرض لها في زمن حزب البعث.
ولعل أبرز تصريحات علاوي هي شهادة عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وإشارة لما عرف عنه من كاريزما وحضور لدى ملايين العراقيين والعرب.
إياد علاوي: “صدام حسين لم يكن يحب المال ولا يبحث عنه”
ولدى سؤاله عما إذا كان لدى صدام أموال أو أملاك قال علاوي “صدام ليس لديه شيء.. ولم يكن يحب المال ولا يبحث عنه”.
وأردف رئيس الوزراء العراقي الأسبق قائلا: “كان (صدام) يبحث عن السلطة والنفوذ والقوة. هذا هو صدام”.
وأضاف علاوي حول الرئيس العراقي الأسبق: “لم يبحث يوما عن المال أو الحرام، وكان محافظا جدا. فمنذ أن عرفته إلى أن خرجت من العراق كانت علاقتي به قوية”.
ورأى رئيس وزراء العراق الأسبق أن ما وصفه بـ”سوء” الحكام الحاليين للعراق ساهم بزيادة شعبية صدام حسين بين المواطنين، على حد قوله.
محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي
وروى اياد علاوي قصة محاولة اغتيال تعرض لها فجر الرابع من فبراير (شباط) 1978 في لندن وفي تلك الليلة نفّذت المخابرات العراقية أمراً من «السيد النائب» يقضي بـ«تهشيم رأس» إياد علاوي الذي استقال من الحزب.
وأردف المسؤول العراقي السابق أن هذه المحاولة سبقتها تهديدات كثيرة. إذ ترك حزب «البعث» كلياً عام 1975. وتم تسلّيمه التنظيمات التي كان مسؤولاً عنها في 1974، وفي 1975 :”شكّلنا «الوفاق الوطني» بشكل سري، من دون أن نعطيه اسماً.
وأكمل أن الأمور بدأت حينها تنحرف عن جادة الصواب، سواء على الصعيد العربي أو العراقي والوطني.
واستمرت التهديدات والإغراءات من 1975 إلى 1978 عندما لعبوا لعبة قذرة جداً حسب وصف علاوي.
تفاصيل محاولة اغتيال إياد علاوي
وحول تفاصيل محاولة الإغتيال في عاصمة الضباب قال علاوي أرسلوا إليّ في لندن شخصاً سمّى نفسه «جهاد الدليمي». اتصل بي وقال إنه يريد أن نلتقي بشكل عاجل.
واستدرك :” كانت وردتنا، عبر جماعتنا وأصدقائنا وإخواننا معلومات بأن هناك 13 شخصاً سيتعرضون للاغتيال: أنا، وطالب شبيب، وحازم جواد (الرجل الذي قاد استيلاء «البعث» على السلطة في 1963)، وتحسين معلا، وحميد الصايغ، وغيرهم. اغتيالات وتصفيات تتعلق بالحزب.
و قال «جهاد الدليمي»: أنا آتٍ إليك. لم أكن أعرفه، وأخذت حذري من الذهاب إلى المكان الذي كان يسكن فيه، وكان في فندق؛ لكنه بقي يلحّ إلحاحاً كبيراً، فظننت أن لديه قضية مهمة.
وتابع أن هذا الأمر كان قبل الاعتداء بشهر. إذ أعطاه الدليمي اسم الفندق الذي كان ينزل فيه في محلة إيرلز كورت (غرب لندن).
ووفق مارواه المسؤول العراقي السابق فقد اتصل به من هاتف عمومي قبالة الفندق، فقال إنه موجود في الداخل. وخلال نصف ساعة كان عنده بعد أن راقب الفندق خوفاً من أي حركة مريبة.
واستدرك علاوي أن الدليمي قال له أنه مبعوث من قبل أشخاص يهمونه ويعرفونه ويحترمونه، وسمّى منهم سعيد ثابت (رحمه الله) وقال له إنهم يبحثون عن البعثيين الذين كان لهم شأن في الحزب ويريدون التعاون معهم.
وأكمل بأنه رد: هل هذا كلام تتحدث به مع إنسان غريب مثلي بالنسبة إليك؟ وأنهى الحديث بقوله: أنا ليس لدي شيء أقدمه، ولست مستعداً للتآمر. أنا أعمل الآن في المجال الطبي ومتفرغ له”.
وبعد شهر بالتمام جرت محاولة الاغتيال.
“وجوه كئيبة”
وسرد علاوي تقاصيل المحاولة التي تمت عند الثالثة فجراً بعد أن تسلل شخص وضربه فوراً على قدمه أثناء وجوده في سرير النوم وبدأ التنكيل به نحو دقيقتين أو ثلاث دقائق.
وحينها أشعلت زوجته الضوء وأصيبب بحالة هستيريا، وهجمت على هذا الشخص تلقائياً، وهو طويل ومدرب. -أورد علاوي اسم المهاجم كاملاً؛ لكن سنكتفي بنشر الأحرف الأولى، وهي: م.ع.ج) وكان يحمل فأساً بيده.
وكشف علاوي أن المهاجم خلع اثنتين من أسنان زوجته بيده. استمررنا نتعارك وأنا ممسك بـ«الطبر» (الفأس) وأمنعه من استخدامها.
وتم نقل علاوي إلى غرفة العمليات، وقطعوا عنه أي اتصالات، حتى أهله منعوا من زيارته. وأبقي ثلاثة أيام تحت المراقبة، إذ كانوا يخشون حصول نزيف في الدماغ.
وبعد ذلك خضع علاوي لجراحات متكررة، واستغرقت مدة العلاج سنة ونصف سنة. وخلال هذه الفترة الأولى أجروا له عدة عمليات، ثم خضع لعلاج طبيعي.
أما زوجته فأصيبت في الفترة الأولى بانهيار عصبي، ثم أصيبت بالسرطان وتوفيت- رحمها الله-.
وقال علاوي إن المنفذين نجحوا في المغادرة إلى فرنسا، وعادوا منها إلى العراق. بجوازات مزورة، وأحياناً بجوازات دبلوماسية.