وطن- أكدت وكالة بلومبيرغ الأمريكية أن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جعل مصر أكثر دولة معرضة للتخلف عن سداد الديون، و خلق ذلك حالة من التردد والشك بين المستثمرين وزاد من أزمة القاهرة الاقتصادية.
وبسبب المصاعب التي يواجهها بائعو السندات الحكومية في استرداد العملة الأجنبية تم إدارج مصر على قائمة المراجعة السلبية وكان صندوق النقد الدولي أكثر تردداً في منح مصر مزيداً من الديون وفق بلومبيرغ.
وتقول الوكالة إن الصندوق الدولي لم يعد يثق بنظام السيسي بعد نحو عامٍ من موافقته على منح مصر حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار.
وكان من المتوقع إجراء المراجعة الأولى للقرض المصري في مارس/آذار الماضي لكنها لم تجر بعد.
نظام عاجز واقتصاد متهالك
ويعد تأخير المراجعة مسألة تعكس عجز النظام المصري عن الوصول إلى أسواق رأس المال الخارجي وعلى التقدم في الحصول على قروض وإنقاذ اقتصاده المتهالك الواصل إلى حفة الهاوية بالأساس.
وتراود الشكوك باستمرار مستثمري السندات المصرية في قدرة الدولة على سداد الديون فيما تمر القاهرة بضائقة مالية على أن تحصل على الأموال التي تحتاجها فيما تغيب أي قواعد للتعامل مع واحدة من أكبر فترات البيع الجماعي داخل الأسواق الناشئة.
كما يسود القلق حيال تخصيص رؤوس أموال المستثمرين لبلدٍ تُنفق حكومته نحو نصف إيراداتها لسداد فوائد القروض ما يؤدي لفجوة تمويل تراكمية تتجاوز الـ11 مليار دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة، وفقاً لمصرف غولدمان ساكس.
أزمة حقيقية
وصنفت “بلومبيرغ” مصر في المرتبة الثانية بعد أوكرانيا على قائمة أكثر الدول المعرضة لخطر التخلف عن سداد الديون.
وأشارت إلى أن ديون مصر الدولارية خسرت نحو 9.7% من قيمتها في العام الجاري، وهو أسوأ أداءٍ بين الأسواق الناشئة بعد بوليفيا والإكوادور وفقاً لمؤشرات Bloomberg.
وبينت الوكالة أن سعر الجنيه المصري ظل مستقراً على مدار الأشهر الستة الماضية، بعد سلسلةٍ من تخفيضات قيمة العملة، ليحافظ الجنيه في المصارف على سعر أعلى من سعر السوق السوداء المحلية.
وتابعت: “تلوح في الأفق مسألة الانتخابات المقبلة في ديسمبر/كانون الأول، والتي من المتوقع أن يترشح فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي لولاية ثالثة.
وتزيد هذه الانتخابات من تعقيد الأوضاع، خاصةً بعد تحذير السيسي من أن الشعب لا يمكنه احتمال ارتفاع الأسعار ثانيةً نتيجة تخفيض جديد لقيمة العملة”.
ولفتت “بلومبيرغ” إلى أن احتمالية تحقيق انفراجةٍ سريعة مع صندوق النقد الدولي صارت بعيدة المنال بشكلٍ متزايد. إذ لا تُعلق مجموعة Vontobel آمالها على الخروج بنتيجةٍ إيجابية في اجتماعات الصندوق بمراكش الشهر المقبل.
ما يطلبه صندوق النقد الدولي من مصر
وينتظر الصندوق من مصر أن تفي بوعودها وتنفذ إصلاحات، منها الانتقال إلى نظام سعر الصرف المرن.
وعند طلب التعليق من المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، أوضح المتحدث أن الصندوق يواصل “التعامل مع مصر عن كثبٍ”، وأنهم سيعلنون التحديثات “في وقتها المناسب”، وفق الوكالة.
وذكرت الوكالة الأمريكية أن تقدم مصر البطيء على صعيد الوفاء بشروط قرض الصندوق يحرم الحكومة من الدعم.
ويأتي هذا خلال وقت يُعتبر فيه جمع المال عمليةً باهظة التكلفة بالنسبة لمقترضي سندات العائد المرتفع الأكثر مخاطرة، مع عزم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعةً لوقتٍ أطول.
وأضافت أن مصر أحرزت بعض التقدم على صعيد بيع الأصول، في حين أكدت مصادر مطلعة وجود قناعة لدى صندوق النقد الدولي بأن السلطات باتت أكثر جدية في تنفيذ خطة الخصخصة الطموحة.
لكن مصر– حسب بلومبيرغ- لم تجمع حتى الآن ما يكفي من النقد الأجنبي لتخفيف الأزمة وتصفية الطلب المتراكم على الدولار، سواءً من المستوردين أو الشركات الأخرى.
إخفاق مصر في الوفاء بديونها
وتظل المخاوف حيال إخفاق مصر في الوفاء بديونها تشغل بال المستثمرين.
وأفاد البيانات الواردة من بلومبيرغ بأن الحكومة يتعين عليها سداد أكثر من 45 مليار دولار نظير قروض وفوائد سندات اليوروبوند على مدار العقد المقبل.
ومن المستبعد أن تتخلف مصر عن السداد خلال الأشهر الـ12 المقبلة “إلا إذا حدثت صدمة خارجية كبيرة أخرى” وفقاً لغوردون باورز، محلل شركة Columbia Threadneedle Investments في لندن.
ويرى باورز أن إحراز أي تقدم مع صندوق النقد الدولي قد يسفر عن تحسين حظوظ مصر وأداء سنداتها بين الأسواق الناشئة.
كما يؤمن باورز بإمكانية التغلب على القيود السياسية التي تعيق التحول إلى سعر صرفٍ أكثر مرونة، وذلك في حال فوز السيسي بولايةٍ ثالثة.