وطن- كشف تحقيق استقصائي دولي، أن شركة مراقبة رقمية مملوكة لإسرائيليين باعت برامج تجسس لمصر، لاستخدام ضد منتقدي النظام، وتبين أنها عرضت بيع ذات البرامج على دول أخرى، بينها السعودية وقطر.
وبحسب صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، قال التحقيق إن شركة “إنتليكسا”، باعت برنامج التجسس المعروف باسم “بريداتور” لمصر وعرضت بيعه للسعودية وقطر وماليزيا والكاميرون وموريشيوس وسيراليون ودول أخرى.
وشركة “إنتليكسا” تحالف لشركات أسلحة ومراقبة رقمية مملوكة لإسرائيليين لكنها تعمل من خارج إسرائيل.
واستغرق التحقيق، عاما كاملا، وشارك في تحليل نتائجه، 15 وسيلة إعلامية بقيادة تحالف التعاون الاستقصائي الأوروبي، المعروف اختصارا باسم “إي آي سي”، بالإضافة لمنظمة العفو الدولية.
وذكرت الصحيفة، أن التحقيق اعتمد على وثائق واتصالات مرتبطة بشركة تدعى “نيكسا” التي وقعت شراكة مع “إنتليكسا” في عام 2019 واستمرت حتى عام 2021 على الأقل.
و”نيكسا” هي شركة فرنسية كانت في السابق تحت اسم شركة المراقبة “Amesys” التي تعاملت مع الدكتاتور الليبي الراحل، معمر القذافي.
وإلى جانب شركة “نيكسا” تم إنشاء شركة شقيقة في دبي تدعى “Advanced Middle East Systems” أو “AMES” للمساعدة في تسويق التقنيات المختلفة لتحالف شركات المراقبة، وفق التقرير.
وقال التحقيق إن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، عمل كمستشار للشركة، وربما شارك في مساعدتها بترويج منتجاتها في ألمانيا.
وأكد أولمرت أنه يعمل لصالح “إنتليكسا”، لكنه قال إن العلاقات بينهما انتهت قبل بضعة أشهر، وفقا للصحيفة الإسرائيلية.
ووفقا للتحقيق، فقد كانت هناك عدة محاولات لنقل التكنولوجيا إلى مصر، وبعد اتفاق الشراكة بين “نيكسا و “إنتليكسا” حصلت محاولتان على الأقل في عام 2020 لبيع تقنيات المراقبة لنظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي.
وعبر هذا البرنامج، جرى استهداف أحمد الطنطاوي الذي أعلن ترشحه للانتخابات المصرية المقبلة، حيث وقعت محاولات عديدة جرت لاختراق هاتفه في الأشهر الأخيرة. وفي عام 2021، تم استهداف السياسي المصري المعارض أيمن نور عبر برنامج التجسس.
كيف وصل البرنامج للقاهرة؟
كشف التحقيق عن وضع خطط في سبتمبر/أيلول من عام 2020 لعقد اجتماع في القاهرة بهدف الترويج لبرنامج “بريداتور“، شملت إنشاء مجموعة واتساب تضم ممثلين كبارا من الجانبين الفرنسي والإسرائيلي.
ووفق الرسائل التي تم تبادلها على مجموعة واتساب، فإن المصريين كانوا خائفين من اكتشاف الزيارة، من قبل وكالات حكومية مصرية مختلفة، بسبب المعاملة المميزة التي يمكن أن يحظى بها المسؤولون بـ”نيكسا وإنتليكسا” في المطار.
فيما أظهرت وثائق تعود لعام 2022، أن أولمرت كان يعمل في شركة “إنتليكسا”، وشارك في عرض مبيعات، كانت الشركة تقدمه إلى الهيئة الفيدرالية للأمن السيبراني في ألمانيا.
وبيّنت الوثائق أن الهيئة كانت مترددة في المضي قدما، وفي النهاية لم يتم عقد الاجتماع المقترح، قبل أن تتراجع الهيئة عن الخطوة بشكل نهائي.
عرض بيع إلى ليبيا
وبحسب التحقيق، فقد تم تقديم عرض بيع، في عام 2021، لنظام المشير الليبي خليفة حفتر في بنغازي، الذي يسيطر على شرقي ليبيا.
رغم أن النظام الليبي يخضع لحظر دولي على الأسلحة، لكن العرض المقدم من “إنتليكسا” و “AMES” ومقرها دبي، كان يتضمن برامج تجسس على الهواتف المحمولة.
وجرى التوقيع على صفقة للحصول على تقنيات التنصت واعتراض الاتصالات الخلوية الأخرى. ومع ذلك، كان إيصال هذه التكنولوجيا إلى النظام الخاضع للعقوبات يمثل مشكلة.
وكان الرئيس التنفيذي للشركة الفرنسية قد أبلغ المستشار القانوني في مكالمة هاتفية في مايو / أيار 2021 قائلا: “لدينا طلب من دولة سيئة للغاية.. أرغب في معرفة ما إذا كان ذلك محظورا تماما، أو ما هي خياراتنا”.
فأجابه المستشار القانوني: “انسوا الأمر. أنتم تعرفون أمر حظر الأسلحة، وجهود الاتحاد الأوروبي ضد ليبيا. إنهم صارمون للغاية”. وفي النهاية لم يتم الوصول على حل.
محاولة بيع للعراق
وأشارت وثيقة “نيكسا” إلى وجود محاولة لبيع تكنولوجيا “استخلاص البيانات الهجومية” للعراق، وهو على الأرجح استعاضة لتعبير أخف وألطف عن برامج التجسس.
قطر والسعودية
وأظهرت الوثائق، أن “نيكسا” وقعت في يناير/كانون الثاني 2020، صفقة مع شركة “Gamma International”، التي كان مقررا أن تعمل كوسيط لبيع منتجات “إنتليكسا” إلى قطر والسعودية.
ورغم عدم ذكر اسم الشركة الإسرائيلية بشكل مباشر، إلا أن إحدى الوثائق أشارت إلى أن المنتجات تشمل برامج للاختراق والتجسس.
وقالت “هآرتس” إنه تم العثور على مقترح في أجهزة كمبيوتر عائدة لـ”نيكسا” بشأن خطة معدة لقطر، لكنها لم تتضمن برامج تجسس.
وجرى كذلك تقديم عروض للسعودية، التي يشتبه منذ فترة طويلة في كونها أحد عملاء الشركة، لكن التحقيق لم يؤكد حصول عمليات بيع لها أو لقطر.
آلية غير معتادة
وعملت شركة “إنتليكسا” منذ فترة طويلة خارج إسرائيل وبعيدا عن رقابتها، على عكس شركة “NSO” الإسرائيلية المسؤولة عن تصنيع برامج التجسس المعروفة باسم “بيجاسوس” وتخضع لرقابة وزارة الدفاع الإسرائيلية وباعت منتجاتها إلى السعودية بمباركة تل أبيب.
وبعد أن أدرجت الولايات المتحدة شركة “NSO” على القائمة السوداء منذ أكثر من عامين، غيرت إسرائيل مسارها وبدأت في منع مبيعات برامج التجسس إلى دول غير غربية، وفقا للصحيفة.
قدرات مذهلة
ويمكن لبرنامج التجسس الذي تنتجه “إنتليكسا” الوصول إلى كميات غير محددة من البيانات الموجودة على الأجهزة المستهدفة.
ووفق منظمة العدل الدولية، يمكن لبرنامج “بريداتور” التسلل إلى الجهاز عندما ينقر المستخدم ببساطة على رابط ضار.
لكن يمكن أيضا التعرض له من خلال “هجمات تكتيكية” تصيب الأجهزة القريبة بسرية تامة.