ليست الفلوجة ولا بيروت..واشنطن بوست: هذه هي حرب المدن التي تنتظر إسرائيل في غزة!

وطن- نشر الكاتب الأمريكي ديفيد أغناتيوس في صحيفة “واشنطن بوست” مقالا تحليليا عما ينتظر جيش الاحتلال الإسرائيلي في حال قرر اجتياح قطاع غزة بريا وخوض حرب شوارع مع المقاومة الفلسطينية.

وقال الكاتب الذي استدل في مقاله بوقائع تاريخية قريبة ومشابهة، أنه بينما تتجمع القوات الإسرائيلية على أبواب غزة لشن هجوم على حماس، والذي وعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه “سيتردد صداها معهم لأجيال”، ينبغي لنا أن نقدر مدى صعوبة هذا القتال الحضري.

وأوضح “أغناتيوس” أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيقوم بهجوم مضاد عبر متاهة من المباني الشاهقة، مليئة بالحاميات المخفية والممرات المفخخة، موضحا أنه في كل طابق من كل مبنى، يمكن أن يكون هناك تهديد.

أميال من الأنفاق

وقال إن تحت هذه المدينة “المعادية” لإسرائيل، هناك أميال من الأنفاق لا تخفي مقاتلي حماس فحسب، بل أيضًا ما يصل إلى 150 رهينة إسرائيلية.

ونقل الكاتب عن نورمان رول، الرئيس السابق لعمليات وكالة المخابرات المركزية ضد إيران قوله عن هذه العملية حال تمت: “ستكون هذه واحدة من أصعب العمليات العسكرية في العقود الأخيرة، وتتجاوز التحديات التي واجهناها في العراق”.

وأضاف “أن المنطقة الحضرية في غزة مزدحمة وكبيرة، ولكن بها أيضًا عدد كبير من المباني متعددة الطوابق التي يجب تطهيرها من الأسلحة والإرهابيين الذين لا يرتدون الزي الرسمي، ويتعين علينا أن نسلح أنفسنا لمواجهة الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين والعسكريين”.

  • اقرأ أيضا: 
وزير اسكتلندي يكشف عن حصار والدي زوجته في غزة: إسرائيل أبلغتهما بتحويل القطاع لأنقاض

تحديان مؤلمان

ووفقا للكاتب “تطرح عملية غزة تحديين مؤلمين، ويبدو أنهما في صراع مأساوي: فيجب على إسرائيل أن تستعيد قوة الردع ضد أعدائها – في غزة والضفة الغربية ولبنان وإيران – بعد الهجوم المفاجئ المدمر الذي وقع يوم السبت وفي الوقت نفسه، يتعين عليها أن تقلل من الخسائر في صفوف المدنيين وأن تنقذ حياة أكبر عدد ممكن من الرهائن وهذا يبدو وكأنه مهمة مروعة مستحيلة ولا يمكننا أن نعرف كيف سينظم القادة الإسرائيليون هجومها ولكن التعليقات العامة تشير إلى أن الأولوية هي لسلامة إسرائيل نفسها، وليس الأفراد. ”

ونقل الكاتب تساؤلا لمسؤول أمريكي سابق عن ما هي المفاجآت الأخرى التي ستواجه قوات جيش الاحتلال؟، موضحا أنه “لكي يخططوا لهذا جيدًا، ولهذه المدة الطويلة، يجب أن تكون هناك خطوة أخرى نحو ذلك” مشيرا إلى أن حماس ربما توقعت أن إسرائيل ستهاجم غزة انتقاما للهجوم المروع فما هي الدفاعات التي أعدوها؟

تحذير من المخابرات الأردنية والمصرية

ووفقًا لمسؤول غربي، فإن أجهزة المخابرات الأردنية والمصرية أعطت إسرائيل تحذيراً قاتماً، وأفاد عملاؤهم داخل غزة أن حماس أعدت عبوات ناسفة وأسلحة مضادة للدبابات ودفاعات أخرى على طول طرق الاقتراب من القطاع.

وقال الكاتب إن حرب المدن تعتبر نوعًا وحشيًا بشكل خاص من الصراعات، حيث تنطوي على صعوبات تربك حتى أكثر الجيوش احترافية، مستشهدا بحدثين قام بتغطيتهما بنفسه في وقت سابق، وهما: حصار إسرائيل لبيروت عام 1982 وهجوم مشاة البحرية الأمريكية على الفلوجة عام 2004 وكلاهما يقدمان تحذيرات حية الآن للهجوم الإسرائيلي على غزة.

  • اقرأ أيضا: 
إسماعيل هنية يصف البحرين والإمارات بـ”حثالة العرب”.. تغريدة مزعومة تشعل مواقع التواصل

العبرة من حصار بيروت واجتياح الفلوجة

وقال إن حصار بيروت مثالاً على كيفية انحراف خطط المعركة، فقد اقتحم الجيش الإسرائيلي لبنان في السادس من حزيران (يونيو) 1982، عازماً على طرد منظمة التحرير الفلسطينية من ملاذها في بيروت الغربية ووصلت الدبابات الإسرائيلية إلى المدينة بعد عدة أيام ولكن بدلاً من الهروب، كما توقع بعض المخططين العسكريين الإسرائيليين، صمد الفلسطينيون في مواقعهم – وبدأت إسرائيل حصاراً للمدينة لمدة شهرين، وقصفتها بالمدفعية وبالطائرات.

وقال إن مشكلة إسرائيل كانت هي أن رسائلها أصبحت مختلطة، وكان الهدف هو تخويف الفلسطينيين ودفعهم إلى المغادرة وطمأنة الرأي العام العالمي. بدلا من ذلك، أصبح الفلسطينيون أكثر عناداً وتزايدت الانتقادات العالمية لإسرائيل، وفي النهاية، توسطت الولايات المتحدة للتوصل إلى تسوية سمحت لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ومقاتليه بمغادرة المدينة بأمان.

وبحسب الكاتب، كانت الفلوجة مسرحاً لكابوس آخر من حرب المدن، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة غربي بغداد، وكانت مركزًا للمقاومة السنية للاحتلال الأمريكي للعراق في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003.

وقال إنه خلافًا لنصيحة قادة مشاة البحرية المحليين، أمر كبار المسؤولين الأمريكيين بشن هجوم على المدينة في أبريل 2004، وبعد أسابيع قليلة من الخسائر الفادحة، انسحبت قوات المارينز، حيث أصبحت الفلوجة أكثر تمردًا، وهاجمت قوات المارينز مرة أخرى في نوفمبر 2004 فيما ثبت أنها المعركة الأكثر دموية في حرب العراق، وتكبدت الولايات المتحدة 95 قتيلاً و560 جريحًا في قتال شرس من منزل إلى منزل، في مدينة تضم 50 ألف مبنى.

  • اقرأ أيضا: 
كاتب يمني يتاجر بمأساة غزة لخدمة أجندة الإمارات في اليمن.. ما القصة؟

غزة لا تقارن بالفلوجة

ووفقا للكاتب، فإن غزة هدف أصعب بكثير من الفلوجة حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من خمسة أضعاف عدد السكان في الفلوجة، ويوجد بها مزيج كبير ومربك من المباني الشاهقة في الأعلى والأنفاق في الأسفل.

وأوضح قطع رأس حماس كان هدف حرب يناير/كانون الثاني 2009، لكن الرأس نما مرة أخرى بسرعة.

وبحسب الكاتب، قد تساعد التكنولوجيا أيضًا في العثور على الرهائن وإنقاذهم، ولكن هذا سيكون صعبا، حيث يعتقد مسؤولو المخابرات العربية أن بعض الرهائن قد تم أخذهم من قبل لصوص وبلطجية مستقلين وليس مقاتلي حماس، ووفقا لمسؤول غربي وسيكون العثور على مكان اختبائهم أمرًا صعبًا وخطيرًا.

ماذا بعد العدوان على غزة؟

تساءل الكاتب “هل تريد إسرائيل حقاً أن تمتلك هذا الجيب الفقير الجائع الذي حتى اليوم، بعد مرور 75 عاماً على إنشاء إسرائيل، يشبه مخيم اللاجئين؟”ن موضحا انه “ربما يستطيع أصدقاء إسرائيل العرب، بما في ذلك السعودية ما بعد التطبيع، تشكيل حكومة مستقرة في مرحلة ما بعد حماس في غزة يمكنها جلب الرخاء والأمن إلى هذا المكان من البؤس والموت.”

واعتبر “أغناتيوس” أنه يجب على إسرائيل الرد على الهجوم المروع الذي وقع يوم السبت بعد أن اهتز وجود البلاد بسبب الهجوم.. وربما تحمل العواقب مستقبلاً أكثر سعادة للفلسطينيين، الذين يعدون من أكثر الشعوب تعاسة في التاريخ الحديث”.

إلا انه اختتم مقالته بالقول:”ولكن كما حذرني أحد زملائي منذ عقود عديدة، عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فإن الحقيقة المؤسفة هي أن التشاؤم يؤتي ثماره”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى