وطن – انتقد العديد من النشطاء ما وصفوه بموقف مصر المتخاذل في دعم القضية الفلسطينية، رغم التصريحات التي تُصدرها الحكومة ويخرج بها رئيس النظام عبد الفتاح السيسي ليل نهار، ويعلن فيها دعمه المباشر للفلسطينيين، إلا أنها تبقى مجرد تصريحات و”شو إعلامي” لا أكثر ولا أقل، حسب وصفهم.
واستكمالا لمسلسل الاستعراض من قبل السيسي، الذي صدق عليه بمرور الأيام وصف الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بأنه “ممثل عاطفي”، كما يقول نشطاء، ذكرت وسائل إعلام مصرية، السبت أن القاهرة رفضت السماح لأمريكيين بالمرور من معبر رفح البري.
ونقلا عن قناة (القاهرة الإخبارية) فقد “رفضت السلطات المصرية أن يكون المعبر مخصصا لعبور الأجانب فقط”، مؤكدة “اشتراط تسهيل وصول المساعدات وعبورها إلى قطاع غزة”، من أجل السماح بعبور الأفراد من الجنسيات المختلفة.
السيسي يستغل ورقة معبر رفح لخدمة أجندته
ويأتي هذا بالتزامن مع إغلاق معبر رفح قبل أيام من قبل السلطات المصرية بعد قصفه من قبل طائرات إسرائيلية، ما يعني عدم دخول أي مساعدات لسكان القطاع المحاصر، عبر المتنفس الوحيد لهم حاليا الذي تتحكم فيه مصر وهو “معبر رفح”.
-
اقرأ أيضاً:
نظام السيسي يميل لقبول عرض “النزوح الفلسطيني لسيناء” مقابل حوافز مالية ضخمة
وكانت قناة “الجزيرة” نشرت صورا خاصة تظهر وضع جدران أسمنتية أمام البوابة المصرية في معبر رفح، وهو ما يعني غلقها بالكامل وعدم السماح بمرور أي مساعدات.
وشدد الكثيرون على أن التضامن الحقيقي والدعم يكون بالفعل لا بالقول، عبر فتح المعبر والسماح بدخول المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة، الذين باتوا يعانون ظروفا معيشية كارثية في ظل الحصار الشامل وندرة الطعام والماء، فضلا عن انهيار القطاع الصحي.
وسبق أن كشف السيسي في الحوار المسجل مع فضائية “سي.بي.أس” الأميركية في سبتمبر عام 2019، عن تعاون أمني واستخباراتي مع إسرائيل في سيناء.
وفي أكثر من مناسبة أيضا، كشف مسؤولون إسرائيليون عن تعاون تل أبيب والقاهرة في سيناء. ففي فبراير/شباط 2017 كشفت صحيفة “معاريف” تفاصيل دقيقة حول طابع المساعدة الاستخبارية التي تقدمها إسرائيل للجيش المصري، حيث أشارت إلى أن وحدة التجسس الإلكتروني التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) تزود الجيش المصري بمعلومات استخبارية يتم الحصول عليها عبر عمليات التصوير التي تقوم بها الطائرات المسيّرة أو الأقمار الصناعية.
إسرائيل المتحكم الرئيسي في سيناء ومعبر رفح
وهذا إن دل على شيء فإنه يدل بحسب محللين، على أن إسرائيل تتحكم بشكل كامل في سيناء ومعبر رفح ـ يستخدمه السيسي كورقة رابحة الآن ـ وأن إدارة مصر للمعبر مجرد إدارة شكلية.
ودعم تل أبيب للسيسي في سيناء تهدف إسرائيل من ورائه، بحسب المحللين، إلى قطع إمدادات حركة حماس بالأسلحة المهربة من سيناء، وإحكام السيطرة على الحدود وهدم الأنفاق، وهو ما يفعله السيسي مقابل دعمه بالطائرات المسيرة والاستخبارات الإسرائيلية.
ويرى ناشطون أن السيسي يحاول استغلال الأحداث لصالحه كالعادة، واستخدام ورقة “معبر رفح” في خدمة أجندته الشخصية، والتغطية على ازماته في الداخل التي أوصلت الشعب المصري لمرحلة الغليان.
وظهر ذلك جليا في كلمته الأخيرة أثناء حفل تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية، حيث استخدم مشاهد القصف والخراب في غزة، لتحذير المصريين من مصير مشابه في حال القيام بثورة على نظامه.
ودائما ما ينتهج السيسي في حديثه للمصريين خطاب “أنا أو الفوضى”.
“أمن السيسي من أمن إسرائيل”
وضمن ردود الأفعال على الأنباء التي انتشرت، السبت بشأن رفض القاهرة السماح لأمريكيين بالمرور من معبر رفح البري، واشتراط دخول مساعدات لغزة في المقابل، شدد الكثيرون على أن “السيسي الذي تحافظ إسرائيل على أمنه وتعتبره من أمنها لن يقدم على أي خطوة تغضب تل أبيب أبدا، وأن ما يحدث هو “استعراض إعلامي” مسموح له به، حسب وصفهم.
“من جوّع وأفقر شعبه لن يُطعم أهل غزة”
وشددت تعليقات نشطاء على أن “من جوّع وأفقر شعبه لن يُطعم أهل غزة”، في إشارة إلى عبدالفتاح السيسي، وسياساته التي دمرت الاقتصاد المصري وأثقلت كاهل المواطنين.
وذكروا في هذا السياق بحديث سابق، للباحث والمحلل الإسرائيلي المعروف إيدي كوهين، المقرب من الموساد أكد فيه أن “السيسي صهيوني أكثر منه وأنه يساعد تل أبيب في خنق غزة”.
وبحسب ما ذكره البعض أيضا، فإن ما يؤكد أن هذه التصريحات تأتي في سياق “الشو الإعلامي” فقط، هو حرص أبواق النظام وأذرعه الإعلامية على الترويج لهذه التصريحات وربطها بالسيسي وتملقه على نطاق واسع.
وظهر ذلك جليا في تغريدات وأحاديث كتاب وصحفيين محسبوين على النظام، على رأسهم الكاتب الصحفي مصطفى بكري.
وقوبلت تغريدة بكري بهجوم واسع من قبل متابعيه الذين وصفوه بأنه “أكبر مطبل للنظام الحالي وأنه وأمثاله سبب نكسة الشعب المصري”.
وهاجمه ناشط ساخرا منه:”صراحة أنا منبهر من قوة الطبلة اللي مش راضيه تتفقع من قوة التطبيل؟.. طبلة بجودة لا نظير لها!”
“السيسي وأمن المواطن الإسرائيلي”
“أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي جنباً إلى جنب مع أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي” و”أدعو الشعب الفلسطيني لقبول التعايش مع الإسرائيليين في أمان”… هذه الأحداث الحالية تجعلنا نستدعي هنا أيضا جملتان من خطاب السيسي، أثناء كلمته في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر من العام 2019، كانتا الأكثر اهتماماً وسخرية من قبل مستخدمي مواقع التواصل وقتها، وسط جمل أخرى كثيرة لم ينتبه لها النشطاء.
اللافت أن الجملة الأصلية في الخطاب، حسب ما نشرت المواقع الخبرية المؤيدة للنظام كانت “جنبا إلى جنب أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي”، لكن ناشطين رأوا أنها زلة لسان تعبر عن حقيقة اهتمام السيسي بأمن المواطن الإسرائيلي من وجهة نظره.
كل ما سبق تسبب بأن أظهر رواد مواقع التواصل الاجتماعي تشككاً في حسن نية الجهود المصرية، خاصة بعد أن شدد السيسي أكثر من مرة في تصريحاته على أهمية ضمان أمن إسرائيل.