البحرين تسعى لموازنة الغضب الشعبي بشأن غزة مع العلاقات مع إسرائيل.. ما علاقة الإمارات؟

وطن – سلط تقرير لوكالة “رويترز” الضوء على ما وصفه بمحاولة دولة البحرين التي تربطها علاقات تطبيع مع إسرائيل “السير على حبل سياسي مشدود” منذ اندلاع الحرب في غزة، بين السعي لتهدئة الغضب الشعبي تجاه جرائم الاحتلال التي أودت بحياة آلاف الفلسطينيين والحفاظ على اتفاقها مع الكيان المحتل الغاصب.

وجلب اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل، الذي وقعته البحرين في عام 2020 عندما كان دونالد ترامب رئيسا، القليل من الفوائد التجارية للبحرين، على عكس تلك التي عرضتها على الإمارات العربية المتحدة.

لكن المصادر والمحللين يقولون إن هناك مكاسب استراتيجية أخرى حققتها البحرين، من التطبيع بحيث لا يمكن تعريضها للخطر، وفق التقرير.

ونقلت “رويترز” عن 6 مصادر مطلعة على الأمر قولها إن البحرين لن تتخلى عن علاقاتها مع إسرائيل، على الرغم من أن البرلمان، وهو هيئة لا تزال تابعة للنظام الملكي، أصدر بيانا شديد اللهجة يشير إلى أن العلاقات مع إسرائيل في حالة تجميد.

وقال أحد المصادر إن البحرين تحاول الحفاظ على العلاقة مع إسرائيل وفي الوقت نفسه ضبط الرأي العام.

وقالت كريستين سميث ديوان، الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: “لا يمكنهم التخلي عن التطبيع مع إسرائيل دون تعريض هذا الإطار الاستراتيجي برمته للخطر”.

التطبيع جعل البحرين أقرب إلى الإمارات

وأضافت الباحثة الأمريكية -بحسب الوكالة العالمية- أن الإطار لا يتعلق فقط بالبقاء على مقربة من الولايات المتحدة. ولكن توقيع البحرين على الصفقة جعلها أقرب إلى الإمارات الغنية وقدم ثقلاً موازناً لنفوذ المملكة العربية السعودية، التي كانت تمول البحرين منذ فترة طويلة بعد أن تضاءلت مواردها النفطية.

وتابعت ديوان “إن تبني البحرين لاتفاقيات إبراهيم يتعلق بعلاقاتها مع الدول الأخرى بقدر ما يتعلق بإسرائيل”، مستخدمة المصطلح الذي يشير إلى اتفاقيات التطبيع التي وقعتها إسرائيل مع البحرين والإمارات العربية المتحدة.

ومع ذلك، يتطلب الأمر إجراءً متوازناً من جانب البحرين، حيث تسعى إلى الحفاظ على الاتفاق مع الاحتلال سليماً، بينما تعكس خلافها العميق مع الحملة العسكرية الإسرائيلية الشرسة على غزة.

سواء من خلال انتقادات على استحياء لإسرائيل من قبل ولي العهد البحريني في قمة أمنية عقدت في المنامة هذا الشهر، أو سماح الحكومة ببعض الاحتجاجات العامة حول هذه القضية.

الغموض بشأن إسرائيل

وفي الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني، أصدر البرلمان البحريني، الذي ليس له أي سلطة على السياسة الخارجية، بياناً قال فيه إن سفير إسرائيل غادر وكذلك سفير البحرين في تل أبيب تم استدعائه وقطعت العلاقات الاقتصادية.

وقال النائب “ممدوح الصالح” في البرلمان بعد أيام من هذا الإعلان إن “سفير الكيان الصهيوني (إسرائيل) غادر البحرين، على أمل ألا يعود”.

وكون أن البيان الخاص بالعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية جاء من البرلمان، وليس من وزارة الخارجية، أثار غموضًا حول ما إذا كانت البحرين قد قطعت العلاقات رسميًا مع الاحتلال أم لا.

وبدورها ردت إسرائيل بأن العلاقات مستقرة، ولم يذكر بيان لاحق صادر عن حكومة البحرين سوى أن المبعوثين قد غادروا بالفعل دون توضيح أي سبب.

وقالت المصادر الستة المطلعة على الأمر إن إعلان البرلمان لا يعكس سياسة الحكومة.

وبحسب المصادر ذاتها فإن ما حدث يبدو أنه خفف الضغط على الحكومة في جهودها لموازنة الغضب الشعبي الداخلي والعلاقات مع إسرائيل. وفي القدس قال مسؤول إسرائيلي كبير لـ”رويترز” إن المبعوثين سيعودون “عندما يسمح الوضع بذلك”.

وفي الشارع، تتصاعد المشاعر بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، وتظاهر مئات البحرينيين في مسيرات لإظهار التضامن مع الفلسطينيين والاحتجاج على تطبيع المملكة مع إسرائيل.

وعن هذه التظاهرات في دولة قامت عادة بقمع أي شكل من أشكال الاحتجاج، خاصة إذا كانت تستهدف سياسة الحكومة، قالت سميث ديوان “الناس غاضبون. على الحكومة أن تخفف الضغط” -في إشارة إلى قرار السلطات السماح للمواطنين بتنظيم احتجاجات أسبوعية – ووصفت تسامح الدولة الواضح مع الاحتجاجات بأنه “صادم”، مما يعكس التناقض مع الإجراءات الأمنية المشددة عادة في البحرين.

وتعاملت الحكومة بشدة مع الاحتجاجات في عام 2011 عندما خرج متظاهرون، كثيرون منهم من الأغلبية الشيعية، للمطالبة بإسقاط النظام الملكي في البحرين في الربيع العربي. وألقت البحرين باللوم جزئيا في الاضطرابات على إيران وهو اتهام نفته طهران.

وبعد مرور ما يقرب من عقد من الزمن، عندما وقعت البحرين على ما يعرف باتفاقيات إبراهيم، شكلت المخاوف بشأن إيران الخلفية الأمنية مرة أخرى، حيث لا يزال دول الخليج ينظرون إلى إيران على أنها تهديد أمني لجزء كبير من الشرق الأوسط.

وقال مسؤولون غربيون إن الاتفاقات عززت علاقات البحرين بالولايات المتحدة، مشيرين إلى اتفاق دفاعي تم توقيعه هذا العام.

واعتبرت دولة الاحتلال، التي كانت معزولة إلى حد كبير اقتصاديا وسياسيا لعقود من الزمن عن دول الشرق الأوسط، اتفاقات التطبيع هذه بمثابة تحول في الديناميكيات الإقليمية وفتح لعلاقات تجارية جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى