من محاولة الإطاحة بأمير قطر إلى التغني بحكمته.. ما دلالات رسائل أبوظبي الجديدة للدوحة؟
وطن – وجه قادة الإمارات وعلى رأسهم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، التهاني لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بمناسبة اليوم الوطني لتأسيس دولته، الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام.
صيغة التهنئة “الاستثنائية” هذه المرة والاحتفاء بأمير قطر الذي وصفه محمد بن راشد حاكم دبي “بأخيه صاحب القيادة الحكيمة”، دفعت البعض للرجوع إلى الوراء قبل سنوات واستذكار ما فعلته أبوظبي ضد الدوحة ومحاولة الإطاحة بحكم أميرها عام 2017.
حيث تزعمت الإمارات مع السعودية وقتها حصارا جائرا ضد قطر تغلبت عليه الدوحة بدبلوماسية محنكة شهد لها الجميع. وتركت هذه الأزمة جرحا كبيرا لا يندمل رغم الصلح ـ الاضطراري ـ الذي وقع بين دول الخليج واتفاق العلا الذي اضطرت له في الغالب دول الحصار عقب عجزها عن تنفيذ المخطط الذي كان معدا ضد قطر.
ووجه رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رسالة إلى الشيخ تميم عبر منصة إكس جاء فيها: “أبارك لأخي الشيخ تميم بن حمد والشعب القطري الشقيق بمناسبة اليوم الوطني، متمنياً لدولة قطر دوام التقدم والنماء”.
وفي تناقض كبير بسياساته تجاه قطر بين السابق والحاضر قال الرئيس الإماراتي إن “العلاقات الإماراتية-القطرية أخوية وراسخة، ونمضي معاً نحو تعزيزها وتوسيع آفاقها في مختلف المجالات، بما يعود بالخير والازدهار على البلدين وشعبيهما الشقيقين”.
تهنئة استثنائية لقطر وأميرها على غير العادة!
وجاء في رسالة أخرى لحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الرجل الثاني في الدولة: “كل عام وشعب قطر الشقيق بخير وعز وأمان بمناسبة اليوم الوطني القطري وتحت القيادة الحكيمة لأخي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني”.
وأضاف آل مكتوم: “أدام الله عليهم الخير .. وأدام المحبة بين الشعبين .. وأدام استقرار وازدهار خليجنا وأمتنا العربية والإسلامية”.
جدير بالذكر أنه في يونيو/ حزيران 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت الدول الثلاث الأولى حصارا بريا وجويا على الدوحة بدعوى “دعمها للإرهاب”.
لكن وفق تقارير صحف غربية منها “الغارديان” البريطانية فإن دول الحصار تعبت من صمود قطر واضطرت للمصالحة مرغمة غير مخيرة، وتحدثت عن أن الجراح ستبقى قائمة مهما حاولت أبوظبي والرياض إظهار عكس ذلك.
ووفق خبراء فإن مثل تلك الرسائل قد تشير ظاهرياً إلى تحول سياسة الإمارات الخارجية في علاقاتها مع الدول الأخرى، إلا أن مؤسسة كارينغي البحثية لطالما أكدت أن ذلك غير صحيح.
-
اقرأ أيضا:
تقرباً من قطر.. الإمارات تتخذ خطوة غير متوقعة في سبيل إصلاح العلاقات!
شراكة المصلحة
أرجعت مؤسسة كارينغي التغير في الموقف الإماراتي إلى ما يشبه “شراكة المصلحة” حيث لم تعد تستطيع أن تفعل حيال قطر أكثر مما فعلته سابقاً بعد فشلها في الإطاحة بأمير قطر وإخضاع الدوحة لمطالب أبوظبي من خلال الحصار والتضييق عليها.
ولطالما وصف نظام محمد بن زايد قطر كأحد منصات التطرف والإرهاب والكراهية قبل الحصار. وحتى ما بعده كان الرئيس الإماراتي يرسل من يصفه متابعون “بصبيانه” مثل المغرد البذيء حمد المزروعي المقرب من حاكم أبوظبي الذي شكك عام 2022 في قدرة الدوحة على تنظيم بطولة كأس العالم، وهو ذات المغرد الذي كان مخصصا من قبل ابن زايد للتطاول على أفراد الأسرة الحاكمة في قطر بأساليب بذيئة وخاصة الشيخة موزا والدة الأمير.
ومن المعروف أنّ السلطات الإماراتية تحكم البلاد بالحديد والنار، ولا يمكن لأحد توجيه حرف انتقاد للقيادة أو رؤوس الدولة، “ومعتقلو الرأي” هناك خير دليل، ما يؤكد أن التجاوزات والإساءة لقادة قطر من شخصيات إماراتية كالمزروعي وغيره كانت بضوء أخضر من نظام أبوظبي وتوجيه مباشر من محمد بن زايد.
وسبق أن أثيرت تساؤلات بعد المصالحة الإماراتية السعودية – القطرية عن مصير الـ13 شرطاً التي وضعتها دول الحصار أمام قطر لأنها حصارها الذي بدأ عام 2017.
تنازل أبوظبي عن 13 شرطاً لرفع الحصار!
وحينها نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن مسؤول في إدارة ترامب ـ الرئيس الأمريكي وقتها ـ مُطلع على كواليس مفاوضات اتفاق المصالحة قوله إن رباعي دول الحصار وافقوا على التخلي عن قائمة الـ13 شرطاً .
وكان من أبرز تلك الشروط إغلاق قناة “الجزيرة” وتقليص تعاون قطر مع إيران واغلاق القاعدة العسكرية التركية في الدوحة.
أما المقابل الذي قدمته قطر فهو الموافقة فقط على تجميد الدعاوى القضائية التي رفعتها ضد دول الحصار.
يشار إلى أن البيان الختامي لـ”اتفاق العُلا” الذي أنهى الأزمة الخليجية جاء خالياً من الشروط الـ13.
كيف ضربت قطر مخطط الحصار؟
جدير بالذكر أنه لم يكن لمحور الحصار من أهداف في تحركه المفاجئ عام 2017 سوى إسقاط قطر وإخضاع إرادتها بالكلية لقيادات معسكر الحصار.
-
اقرأ أيضا:
سياسي أمريكي: الإمارات تسعى إلى جذب قطر والبحرين لتشكيل حلف ضد السعودية
ومع صمود الشعب القطري وقياداته أمام هذه المخطط؛ ومع قرار تفعيل الاتفاقية العسكرية التركية القطرية وتراجع ترمب عن موقفه في بداية الحصار، وكذلك تدخلات دولة الكويت كوسيط لحل الأزمة، كل هذا أدى إلى إرباك معسكر الحصار وإطالة أمد الأزمة بخلاف ما كان متوقعاً.
مما اضطرهم إلى تقديم قائمة مطالب لإنهاء الأزمة بحجة مراعاة الوساطة الكويتية. بدا الأمر غريباً ومعقداً يدفع للحيرة والتساؤل، ما الذي حدث بين ليلة وضحاها حتى يتم قلب كل الموازين والاعتبارات، ويُطاح بكل الثوابت والحسابات التي جمعت بين دول الخليج وتحالف العائلة الخليجية الواحدة؟
ووقتها أمكن الإجابة على ذلك بأن المملكة السعودية وبزعامة قائدها الجديد محمد بن سلمان الذي صعد لسدة الحكم مؤخرا، قد رتبت الكثير من ملفاتها متأثرة بوجود الرئيس الأمريكي ترامب وتوجهاته، وظنت أنها بعد ترتيبها للقمة الخليجية مع ترامب وما أغدقت عليه من المليارات قد ضمنت شراء ذمة أكبر دولة في العالم، وأنه بإمكانها أن تطلق يدها وتتصرف في المنطقة كيفما شاءت.
وجمع الرياض مع غيرها من دول الحصار الرغبة في تصفية حسابات قديمة مع دولة قطر بسبب دعمها ثورات الربيع العربي، وما قامت به قناة “الجزيرة” من تغطيةٍ للأحداث والوقوف مع تطلعات الشعوب العربية نحو الاستقلالية والحرية والعدالة الاجتماعية.