وطن – ما إن أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، الاثنين، فوز عبد الفتاح السيسي بفترة رئاسية جديدة للمرة الثالثة على التوالي، بنسبة 89.6 بالمئة من الأصوات حتى بدأت الصحف والمواقع المصرية بتناول تقارير عما زعمت أنه احتفاء صحف العالم “باكتساح السيسي” بشكل محرف ومبتور لهذه التقارير أثار سخرية الكثيرين.
حيث تبين بمراجعة هذه التقارير أنه تم نقل ما فيها بشكل مضلل ومغلوط بل وعكسي تماما لاستكمال “مسرحية انتخابات الرئاسة” وتمجيد السيسي الذي حرص على إظهار صورة مشاركة وهمية للمصريين بهذه الانتخابات.
وليبدو الأمر وكأن كبريات الصحف العالمية تشيد بالانتخابات المصرية على عكس الحقيقة، حتى أن بعض تلك التقارير التي استشهدت بها الصحف المصرية الحكومية، في الحقيقة وصفت هذه الانتخابات بأنها هزلية وتفتقد لقواعد المنافسة الحقيقية.
وبحسب منصة “صحيح مصر” المتخصصة بالتحقق من الأخبار والمصادر المفتوحة نشر موقع جريدة “الأهرام” الحكومية، تقريرًا بعنوان: “الغارديان تسلط الضوء على الفوز الكاسح للرئيس السيسي في الانتخابات الرئاسية”.
وذكرت الأهرام أن الصحيفة البريطانية لفتت إلى ما ذكرته وسائل الإعلام المصرية من أن الانتخابات تمثل خطوة جادة نحو التعددية السياسية في البلاد، وأن العاصمة الإدارية الجديدة تعد أحد أهم الإنجازات التي تمت في عهد الرئيس السيسي.
ونقلت عنها شهادة بعض الناخبين من أن تداعيات الحرب في غزة عززت اختيارهم للرئيس السيسي لفترة رئاسية جديدة. إلا أن تقرير الأهرام جاء مضللًا، -بحسب المصدر- إذ اجتزأت الصحيفة الحكومية مقتطفات من تقرير الجارديان، والمنقول عن وكالة رويترز، ليبدو وكأنه جاء ليشيد بما سمته الأهرام “الفوز الكاسح للرئيس السيسي”.
على الرغم من وصف الصحيفة للانتخابات بأنها لم تكن منافسة جدية وشابها انتهاك للقواعد الانتخابية ومنع أبرز المنافسين للسيسي من خوض الانتخابات.
انتهاك قواعد الانتخابات
وكانت وكالة “رويترز” عنونت تقريرها بـ”السيسي يفوز بولاية ثالثة كرئيس لمصر في ظل اتهامات بانتهاك قواعد الانتخابات”. وذكرت أن السيسي فاز بانتخابات لم يواجه فيها أي منافسين جديين، في وقت أعرب العديد من الناس عن عدم اهتمامهم بالانتخابات بدعوى أن النتيجة حتمية.
كما نقلت رويترز عن رئيس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، قوله إنه “لم تكن هناك انتخابات، استخدم السيسي جهاز الدولة بأكمله والأجهزة الأمنية لمنع أي منافس جدي من الترشح”.
وهو ما لم تشر إليه صحيفة الأهرام، وعلى الرغم من إشارة رويترز إلى إعجاب بعض المصريين بإنشاء عاصمة إدارية جديدة في الصحراء، أشارت في الوقت نفسه إلى اعتبار آخرون بأنها بمثابة إسراف غير مقبول أدى إلى تضخم سريع ونقص في العملات الأجنبية وارتفاع في أعباء الديون.
-
اقرأ أيضا:
فضائح بالجملة.. لماذا باع المصريون أصواتهم أمام لجان الاقتراع في انتخابات السيسي؟
انتخابات “محددة سلفًا”
ووفق المصدر ذاته نشرت المواقع والقنوات الإخبارية التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المملوكة للدولة مثل قناة القاهرة الإخبارية وموقع الوطن، تقريرًا متشابهًا إلى درجة كبيرة يرصد احتفاء صحف العالم بالانتخابات الرئاسية التي فاز بها السيسي بنسبة كبيرة.
ونقلت تلك المواقع في هذه التقارير المتشابهة عن صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، قولها إن الرئيس المصري حقق النصر في الانتخابات الرئاسية المصرية ليحصل على فترة ولاية رئاسية جديدة تستمر لمدة ست سنوات مقبلة.
وتجاهلت تلك الصحف والقنوات وصف “واشنطن بوست” للانتخابات بأنها “محددة سلفًا”، وما أوردته في عنوانها بعد إعلان فوز السيسي عن أن “مصر على حافة الهاوية”، في وقت “تواجه البلاد اقتصادًا منهارًا وحربًا مشتعلة في الجوار”، بحسب تحقيق منصة “صحيح مصر“.
🔴 بعد إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات فوز الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، بفترة رئاسية جديدة، للمرة الثالثة على التوالي، أوردت صحف ومواقع المصرية تقاريرًا عن احتفاء صحف العالم باكتساح السيسي لمنافسيه في الانتخابات التي شهدت مشاركة مصرية واسعة.
⚠️ غير أن تلك التقارير جاءت مضللة… pic.twitter.com/jZDHu4kXfu
— صحيح مصر (@SaheehMasr) December 20, 2023
انتصار مفروغ منه
وذكّرت واشنطن بوست، في تقرير مطول لها، بعدم تمكين ما وصفته بالمنافس الجدي الوحيد للسيسي البرلماني السابق أحمد الطنطاوي من الترشح للانتخابات، بعد منع أنصاره من تحرير التوكيلات له والقبض على أفراد أسرته وأعضاء حملته الانتخابية والتضييق على عملهم.
ونقلت تلك المواقع عن وكالة أنباء “أسوشيتيد برس” الأمريكية، إشارتها إلى “إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات المصرية عن تحقيق الرئيس السيسي لفوز ساحق”.
ولكنها تغاضت عما سمته الوكالة الأمريكية هي الأخرى بانتصار مفروغ منه، في ظل منافسته لما وصفتهم بشخصيات هامشية “نادرًا ما شوهدوا خلال الحملة الانتخابية”.
كما ذكّرت “أسوشيتيد برس” تعديل الدستور في عهد السيسي، والذي كان يسمح للرئيس بالبقاء في الحكم مدتين فقط كل واحدة لأربعة أعوام، ليُسمح له بالبقاء في الحكم فترة ثالثة لمدة ست سنوات جديدة، بعدما شملت فترته الثانية عامين إضافيين وفق التعديل الدستوري في العام 2019.
ويبلغ معدل التضخم السنوي في مصر 36.4 بالمئة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية أسبوعيا ويضر بميزانيات الأسر في الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 106 ملايين نسمة.
-
اقرأ أيضا:
زجاجة زيت وكيس سكر و100 جنيه.. رشاوى ديلفري للمنازل في انتخابات السيسي (شاهد)
وحتى قبل الأزمة الاقتصادية الحالية، كان حوالي ثلثي سكان مصر يعيشون على خط الفقر أو تحته.
وقد أدت حملة القمع التي استمرت عقدًا من الزمن على المعارضة إلى القضاء على أي منافسة جدية للسيسي، وهو خامس رئيس لمصر يخرج من صفوف الجيش منذ عام 1952.