وطن – وضع الكاتب والباحث البحريني “عباس المرشد” النقاط فوق الحروف حول ما ينتظر دولة البحرين لتخطّي آثار عقدين من الاستبداد السياسي، وكيف يمكن للجزيرة الصغيرة أن تُعيد ترتيب أوضاعها للمشهد السياسي في العقد القادم؟ وهل يُشكّل الملك الحالي حمد بن عيسی آل سلمان عقبة من عقبات الحلّ السياسي.
وفي مقال بعنوان “المَلِكُ المعزول.. ثلاثةُ أسئلة تخصّ عائلةَ الحكمِ في البحرين”، قال الكاتب المعارض الذي يعيش في لندن إن هذهِ الأسئلة هي الأسئلةُ الحائرةُ التي تشكلُ في جزءٍ منها جزءًا كبيرًا من مُخيّلتنا السياسيةِ المُصادَرة، أو بتعبير البعض هي الأسئلةُ المكسوتُ عنها.
المَلِكُ المعزول.. ثلاثةُ أسئلة تخصّ عائلةَ الحكمِ في البحرين
الباحث عباس المرشد – لندن
ما الذي تحتاجه البحرين لتخطّي آثار عقدين من الاستبداد السياسي؟ وكيف يمكن للجزيرة الصغيرة أن تُعيد ترتيب أوضاعها للمشهد السياسي في العقد القادم؟ وهل يُشكّل الملك الحالي عقبة من عقبات الحلّ… pic.twitter.com/YnQlwK2oYF— يوسف الجمري 🇧🇭 (@YusufAlJamri) December 26, 2023
كيف تتخطى البحرين آثار عقدين من الاستبداد السياسي؟
واستعاد “عباس المرشد” بداية أزمة الملك الحالي مع المواطنين وقوى المعارضة التي بدأت -كما قال- في فبراير/شباط 2002 عندما أصدرَ الملك منفردًا دستورًا ألغى به الدستورَ العقْدي وضمنّه ما يشبه الصلاحيات المُطلقة للملك. وصادرَ في كثيرٍ من موادِه الحقوقَ السياسيةِ المُكتسبة في دستور 1973.
ووفق عباس المرشد، ولّد هذا القرار أزمة سياسية خانقة وأدخل البلاد في دوامة من الاتهامات السياسية المتبادلة، وحوّل الحياة السياسية إلى ما يُشبه في اللغة السياسية بمأزق عنق الزجاجة.
الفجوةَ بين المَلك والشعب
وتابع أن “حجم الدمار السياسي الذي أحدثهُ دستورُ 2002 كبيرٌ جدًا والمخرجُ المسموح حكوميًا وإقليمًا به ضيّقٌ جدًا على الجسدِ السياسي للبحرين”.
ولفت الباحث عباس المرشد إلى أن التطبيع مع الكيان الاسرائيلي كان من الطبيعي أن يزيد من مِحنة البحرين ويوسّعَ الفجوةَ بين المَلك والشعب.
-
اقرأ أبضا:
البحرين وإسرائيل “سمنة على عسل”.. المنامة تنفي قطع العلاقات وسفير الاحتلال يفتح النار على برلمانها
إذ يستحيل جمع إرادة التطبيع مع إرادة التحرير، بل إن الملك والديوان الملكي سعيا إلى الانخراط في تحالف دولي لحماية مصالح الكيان المؤقت.
ووفق مراقبين فإن عائلةُ الحكم وضعت كلَ بيضِها في سلةِ الاستخبارات الإسرائيلية، وظنت أن تمتيّن علاقاتها مع إسرائيل سوف يُحّسنُ من وضعِها الداخلي والإقليمي. وأنّ بإمكان عائلة الحكم من خلال التطبيع أن تقدم تجربة نجاح في المنطقة.
والآن وبعد أن غرقت الأنظمةُ المطبعة بطوفانِ الأقصی، بدأت آثارُ النحسِ تظهرُ بصورةٍ جلية علی عائلة الحكم في البحرين.
“الملك حمد بن عيسى أصبح معزولا ومكروها”
ولفت الكاتب البحريني إلى أن ملك البلاد أصبح معزولًا من ناحية شعبية ومكروهًا في المحيط العربي والإسلامي نتيجة لكلّ المأزق الداخلي، وما أنتجه من انسدادٍ سياسي مؤلم ونتيجة لتصرفات أقرب ما تكون إلى التصرفات الخرقاء في الإقليم.
وأردف أن هذا الأمر لم يقتصر على جانب الجماهير والشعوب، بل إن عزلةَ المَلِك باتتْ أمراً مفضوحاً، وتتحدث عنه أكثر من جهة رسمية في دول الجوار.
وربما كانت تلك العزلة سببًا من أسباب عدم مُشاركة الملك بشخصه في العديد من المناسبات الإقليمية.
وعبر المرشد عن اعتقاد بأن الملك وعائلة الحكم عاجزة أو تمتنع عن الاعتراف بوجود الأزمة، وتعمل بكل وسائلها الإعلامية وأساليب الترهيب المتّبعة لديها على إنكار وجود الأزمة السياسية وتقدّم السيطرة الأمنية.
وتمثل ذلك من خلال اعتقال القيادات السياسية ومنع الحريات العامة وفرض حالة طوارئ غير معلنة على أنها النهايات السعيدة لمشروع دستور 2002 وما تلاه من كوراث سياسية وانتهاكات حقوقية صارخة. في حين أن الواقع يخضع لترتيبات أخرى قد تُعيد تفجّره في أيّة لحظة سياسية غير متوقعة.
وبالتالي فإن رهن رخاء البحرين وتعافيها السياسي بالسيطرة الأمنية هو نفسه الرهان الذي عوّل عليه “بلجريف” ومن بعده أندرسون ومن بعده المشير وحاشية الديوان الملكي.
-
اقرأ أيضا:
تقرير حقوقي يضع ملك البحرين بأزمة.. محاولات اغتصاب وصعق الأعضاء بمعتقلاته
وختم الكاتب المرشد أن البعض يذهب إلى أن تفريغ البحرين من مضمونها السياسي وإلحاقها بإرادات بعض الدول الإقليمية، هي رغبات شخصية للملك عمل على تنفيذها منذ 2002، وبالتالي لن يفرّط في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة بمشروعه، وهذا يجعل من توقع أيّ انفراج سياسي مُحاط بإنكسار مشروع الملك.
“تهمة إهانة الملك” للنيل من المعارضين
وعبر عن اعتقاد بأن الاستدارة السياسية إلى الخلف إذا ما قرّر الملك أن يكون عقلانيًا – لا تزال مُتاحة وبالإمكان ترتيب مشهد سياسي يُعيد هيكلة المملكة بما يلائم والانتقال الديمقراطي السليم والقائم على التراضي والعقد الاجتماعي المقبول شعبيًا.
يذكر أن الكاتب البحريني “عباس المرشد” كان قد اعتقل في مايو/ أيار 2011 إبان فترة السلامة الوطنية، ووجهت إليه مجموعة تهم من بينها «التحريض على كراهية النظام ورموز الحكم»، قبل أن يتم إطلاق سراحه في وقت لاحق من نفس العام.
وتستخدم «إهانة الملك» كتهمة جاهزة للنيل من المعارضين الذين يدلون بآرائهم في محافل عامة. وأحصى «مركز البحرين لحقوق الإنسان» نحو 30 قضية عرضت على المحاكم خلال العام 2013 تحت هذه التهمة.
وسبق أن حُكم العام الماضي على استشاري جراحة العيون الدكتور سعيد السماهيجي بالسجن لمدة عام بتهمة «إهانة الملك».