وطن- روى مسن فلسطيني، كواليس احتجازه من قبل ضابط مخابرت إسرائيلي للتحقيق معه قبل اعتقاله، في شمال قطاع غزة.
وكشف المسن أبو محمد الجمل، أنه طلب من الضابط الإسرائيلي أن يطلق النار عليه بعد أن أنهكته الحرب وقسوة المعاناة والقصف المتواصل على كل مكان يؤوي إليه، قائلا له: “وين ما نروح بتقصفوا علينا.. يا زلمة طخونا وريحونا. إيش بدكم منا”.
وكان جيش الاحتلال قد أطلق سراح الجمل بعد اعتقاله لنحو أسبوع، فيما انتقل إلى مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس (جنوب) لتلقي العلاج من إصابات وأمراض ألمت به خلال فترة الاحتجاز.
وروى أبو محمد الجمل قصته قائلا: “عندما كنت في بيت لاهيا (شمالي غزة) لم أجد مكانًا أنزح إليه. ذهبت إلى مستشفى كمال عدوان وجميع المدارس بالشمال ووجدتها ممتلئة بالنازحين”.
وأضاف: “وجدت مدرسة الفاخورة في بلدة جباليا مقصوفة بالصواريخ والقذائف ولا يوجد أحد فيها.. كانت هناك غرفة بجوار بوابة المدرسة (غرفة حارس المدرسة) فارغة ولم تتعرض للقصف فجلست فيها وكنت أخرج كل عدة أيام لأحضر بعض الطعام والمياه”.
التنكيل يبدأ بـ”روبوت”
وبينما كان العجوز الفلسطيني يحاول تناول ما تبقى لديه من طعام وهو بأحسن الأحوال خبز وقليل من الزعتر، فوجئ بـ”روبوت” يقترب منه ويطالبه بإبراز هويته.
وقال أبو محمد الجمل ساردا قصته لوكالة الأناضول: “أرسولي لي ماكينة (روبوت يستخدمه الجيش الإسرائيلي باستكشاف المناطق التي يعتقد أنها خطرة على جنوده) لها نظارتان كلمتني، وقالت إنها تريد بطاقة الهوية وفتح المعطف الذي كنت أرتديه”.
وأضاف: “فتحت لهم المعطف وأخرجت بطاقة الهوية، وبعد ذلك جاءت طائرة صغيرة وقامت بتفتيش الغرفة التي أقطن فيها”.
-
اقرأ أيضا:
الحرب على غزة.. تفاصيل مأساوية لإعدام جيش الاحتلال مسنا أمام أبنائه المعاقين
التفتيش عاريا والاقتياد لجهة مجهولة
وبعد إتمام عمليات تفتيش الغرفة، طلب الروبوت من “أبو محمد” الخروج ليستقبله بالخارج عدد من الجنود الإسرائيليين الذين طالبوه بخلع ملابسه، وقاموا بعد ذلك بتفتيشه، ثم وضعوا الأصفاد البلاستيكية في يديه واقتادوه إلى جهة مجهولة.
وأشار إلى أن ضابط مخابرات باشر التحقيق معه، وتابع: “كان الضابط يتحدث معي بالعربي وأنا أرد عليه بالعبرية، وقلت له: وين ما نروح بتقصفوا علينا. يا زلمة طخونا وخلصونا وريحونا، بكفي تجننوا فينا إيش اللي بدك إياه؟”.
سؤال عن حماس
وسأله الضابط الإسرائيلي عن جيرانه وأقاربه الذين ينتمون لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ليرد عليه العجوز الفلسطيني: “أنا لا أرى أحدًا منذ فترة طويلة والجميع يعرف أني لا أقيم علاقات مع أحد. اسأل العملاء. حتى أقاربي لا يزورني إلا كل سنة مرة لأني أسكن في مكان بعيد”.
وبعد إكمال التحقيق مع أبو محمد الجمل، اقتاده الجنود الإسرائيليون إلى مركبة عسكرية، ويروي ما حدث معه حينها قائلًا: “ضربوني وذلوني ورموني من الجيب”.
وأضاف: “أغلقوا عيوني بقطعة قماش واقتادونا إلى بركس كبير (مبنى من الصفيح) وبعد ذلك نقلونا إلى بركس آخر ومنه إلى مكان آخر أيضًا، وكانوا يضربوننا في كل مرة ويلقونا من الجيبات”.
توقف عن الطعام لمنع قضاء الحاجة
وكان جيش الاحتلال يمنع المحتجزين الفلسطينيين من قضاء حاجتهم في كثير من الأحيان، لذلك لم يستطع الجمل أن يتحمل هذا الحال لأيام طويلة فاضطر لقضاء حاجته في مكان احتجازه.
ويقول إنه بعد ذلك قرر عدم تناول الطعام حتى لا يحتاج لقضاء حاجته ليصاب بعد أربعة أيام بالجفاف دون أن يكترث له أحد من الجنود الإسرائيليين الذين يحتجزونه مع عشرات آخرين.
وبعد أيام من اعتقاله أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي سراح أبو محمد مع عدد آخر من الفلسطينيين عبر معبر “كرم أبو سالم” أقصى جنوبي قطاع غزة.