مستقبل النفوذ القطري في غزة بظل أجندة أبوظبي الجديدة وتلميع “بيدقها”
شارك الموضوع:
وطن -نشر موقع “amwaj” الإخباري التحليلي تقريراً مطولا تناول فيه ما وصفه بمستقبل النفوذ القطري في غزة ما بعد الحرب، قائلاً إن النقاشات الحالية في الأوساط الدبلوماسية تهيمن على هذا الموضوع وسيناريوهات ما بعد الحرب.
وذكر التقرير الذي ترجمته (وطن) أن ذلك سيعتمد على الحقائق النهائية على الأرض، فقد يكون هناك تحول في دور قطر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفق وصف الموقع.
ولعبت قطر دوراً رئيسياً بالوساطة في حرب غزة. وفي أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، سهلت الدولة العربية الخليجية التوصل إلى هدنة مؤقتة إلى جانب تبادل الأسرى بين حماس والاحتلال الإسرائيلي.
ومع ذلك، لا ترحب جميع الدول بدور الوساطة القطرية، التي أثارت الثناء والانتقاد من مختلف الأطراف ومنها داخل الاحتلال الإسرائيلي.
وفي حين أن علاقات الدوحة الفريدة مع حماس كانت مفيدة في المساعدة على تسهيل الحد من العنف، فإن العلاقة قد تتغير تبعاً للتطورات المستقبلية في غزة، وفق التقرير.
ويقول التقرير إن حقيقة أن المسؤولين المصريين قادوا مبادرات بشأن ملف غزة، أمر جدير بالملاحظة لأنه يأتي في وقت تتزايد فيه التوترات الإسرائيلية بشأن نفوذ قطر في غزة.
موقف الاحتلال الإسرائيلي من دور قطر
ويؤكد الموقع في تقريره أن المواقف الإسرائيلية تجاه قطر كوسيط في الصراع مع الفلسطينيين كانت مختلطة.
وتدرك تل أبيب الأهمية التاريخية لعلاقة الدوحة بحماس ومنذ عام 2021، أصبحت قطر موطنًا لكبار أعضاء المكتب السياسي للحركة الفلسطينية بما في ذلك الزعيم خالد مشعل ورئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية.
وسبق أن أكدت قطر أن قرارها باستضافة كبار شخصيات حماس جاء بناء على طلب مسؤولين أمريكيين وقدمت الدوحة مساعدات مالية لغزة لسنوات، مما أدى إلى إنشاء شريان حياة إنساني حيوي للفلسطينيين.
-
اقرأ أيضا:
“موزع العطور”.. ماذا سيتبقى من غزة؟
وتحت الإشراف الإسرائيلي، تدفع هذه الأموال رواتب المدنيين وتحافظ على البنية التحتية الأساسية. وأثار دور قطر في إرسال هذه الأموال جدلا داخل الأوساط السياسية لدى الاحتلال.
وسمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحويل الأموال، بهدف موازنة نفوذ السلطة الفلسطينية في مواجهة حماس.
ومع ذلك، انتقد مدير الموساد السابق يوسي كوهين (2016-2021) الدعم المالي القطري، ووصفه بأنه “خارج عن السيطرة” ويؤدي إلى نتائج عكسية لجهود السلام مع الفلسطينيين.
وتتجلى أنماط مماثلة من التناقض في الدوائر السياسية الإسرائيلية في حرب غزة الحالية.
وعلى سبيل المثال، أمر نتنياهو مفاوضي الموساد بمغادرة قطر بعد الوصول إلى طريق مسدود في محادثات إطلاق سراح الرهائن في أوائل ديسمبر 2023.
وبعد ذلك بوقت قصير، في 14 ديسمبر، ألغى رئيس الوزراء الإسرائيلي رحلة مقررة إلى الدوحة لرئيس الموساد ديفيد بارنيا (2021-). الذي كان ينوي التفاوض على إطلاق سراح الرهائن للمرة الثانية.
وبعد أربعة أيام، في 18 ديسمبر/كانون الأول، التقى بارنيع بنظيره الأمريكي – مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز – وكذلك رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وحقيقة أن إسرائيل، على الرغم من تحفظاتها، اضطرت إلى إعادة العلاقات مع قطر بعد ذلك، تسلط الضوء على دور الدوحة الفريد في هذه المحادثات.
-
اقرأ أيضا:
نقلتها قطر.. هآرتس: طلبات حماس مرتفعة للغاية وإقرارها يستدعي اعترافا بالفشل والهزيمة
سيناريوهين يرتبطان بالدور القطري في غزة
ويقول التقرير إن دور قطر في الحرب بين حماس وإسرائيل يمكن أن يتغير اعتماداً على السيناريوهين المحتملين المنتظرين في غزة.
وفرض القصف الإسرائيلي المكثف للقطاع المحاصر تحديات على حماس تتعلق بالقوة البشرية والبنية التحتية.
ومع ذلك، يمكن للحركة الفلسطينية أن تظل قوة سياسية كبيرة، وإن كانت ضعيفة، في القطاع الذي يرفض الاستسلام.
وفي هذا السيناريو، فإن حماس حتى لو ضعت قدراتها نوعا ما فسوف تستمر فعلياً في إدارة غزة. وهذا من شأنه أن يوفر لقطر استمرارية في دورها كوسيط في عمليات إطلاق سراح الأسرى وتبادلهم، وربما إعادة إشراك حماس في محادثات السلام المستقبلية.
وفي السيناريو الثاني، فإن قيام إسرائيل بإزاحة حماس من السلطة من شأنه أن يجعل علاقات قطر مع الحركة الفلسطينية، وغزة بشكل عام، أقل بروزا، مما يفتح الباب أمام ظهور لاعبين جدد.
الإمارات ومحمد دحلان
يمكن أن تشمل الجهات الفاعلة الجديدة دولة الإمارات العربية المتحدة – إحدى الدول المؤسسة الموقعة على ما يعرف باتفاقات أبراهام لعام 2020 التي طبعت العلاقات بين إسرائيل ودول عربية.
ونظراً لإضفاء الطابع الرسمي على علاقاتها مع تل أبيب، يمكن لأبوظبي أن تثبت أن التطبيع هو أكثر من مجرد خطاب معلن من خلال المساعدة في إنشاء هيكل حكم جديد في غزة.
ومن خلال دعم عودة السلطة الفلسطينية إلى السلطة في القطاع الساحلي، يمكن لأبو ظبي الاستفادة من علاقتها الطويلة الأمد مع محمد دحلان المقيم في الإمارات العربية المتحدة – وهو قيادي سابق بفتح وكان مسؤول الأمن في غزة – لترسيخ نفوذها في المنطقة.
وعلى الرغم من أنه من غير المرجح تشكيل حكومة بقيادة دحلان بسبب افتقار فتح إلى المصداقية في غزة، إلا أن علاقاته داخل السلطة الفلسطينية قد تفيد الإمارات العربية المتحدة في سيناريو تنتهي فيه سيطرة حماس، وفق زعم التقرير.
الرياض “واستراتيجية القيادة من الخلف”
وقد تتولى المملكة العربية السعودية أيضًا دورًا أكبر في غزة. وقد اعتمدت المملكة حتى الآن استراتيجية “ القيادة من الخلف ” حتى ظهور حل سياسي واضح.
ومع ذلك، قد تجعل الرياض دعمها لإعادة إعمار غزة مشروطًا بتقديم تنازلات إسرائيلية للسلطة الفلسطينية.
وهذا سيسمح للسعودية بإظهار أنها لا تتخلى عن الفلسطينيين – خاصة وأنها تشرع في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
-
اقرأ أيضا:
وزير الخارجية السعودي:”بالتأكيد نريد التطبيع مع إسرائيل” (فيديو)
نفوذ غزة في قطر
ويزعم التقرير أن “فقدان النفوذ في غزة إذا انتهى حكم حماس قد يخدم مصالح قطر على المدى الطويل.”
وتابع موضحا من وجهة نظر كاتب التقرير “Saoud Al-Eshaq” الباحث المستقل المقيم في قطر:”في غياب حل سياسي واضح للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن العودة إلى المحادثات السياسية ستتطلب بالتأكيد قدراً كبيراً من رأس المال الدبلوماسي والمالي الذي يمكن للدوحة أن تتجنب إنفاقه. وهذا الأخير سيسمح أيضًا لقطر بتجنب الانتقادات الإسرائيلية والأمريكية لعلاقاتها مع حماس.”
وفي الواقع، على الرغم من جهود الوساطة الناجحة التي تبذلها الدوحة، فإن المسؤولين الأميركيين يتأرجحون باستمرار بين الإشادة بقطر وانتقاد وجود حماس في الدولة العربية الخليجية، يقول “سعود”.
وبغض النظر عمن يحكم غزة، فإن مرحلة ما بعد انتهاء الحرب سوف تستفيد من دعم الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وسيكون تأثيرهم على المسؤولين الفلسطينيين الرئيسيين وخطوط الاتصال مع إسرائيل عاملاً أساسيًا في التوصل إلى حل سياسي دائم.
ومع ذلك، فقد رفضت أبو ظبي والرياض بالفعل هذا الدور الافتراضي ووصفته بأنه غير ناجح. ونظراً لتحفظاتها الأوسع حول الجماعات الإسلامية مثل حماس، فإن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لن تشجع على الانخراط في سيناريو تستمر فيه حركة المقاومة الفلسطينية في إدارة غزة.
وهناك العديد من العوامل الرئيسية الأخرى التي ستحدد مسار الصراع بين حماس وإسرائيل.
ويعتمد ذلك وفق التقرير على ما وصفه بنجاح الاحتلال في تفكيك قبضة الحركة الفلسطينية على غزة و إذا حدث ذلك، فإن مدى قدرة دول المنطقة – أو استعدادها – للضغط على الفصائل الفلسطينية البديلة لملء الفراغ سيكون حاسماً.
بالإضافة إلى ذلك، لو اختارت دول المنطقة المشاركة، فإن نتنياهو يعارض عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة. وفي هذا السياق، سيكون من الصعب على الولايات المتحدة إقناع إسرائيل بالنظر في آلية فلسطينية بديلة للتدخل – ومن المرجح أن يتفاقم ذلك بسبب العلاقات المتوترة بشكل متزايد بين الرئيس جو بايدن ونتنياهو.
لا مؤشرات على انتهاء الحرب قريبا
توقع التقرير أن تستمر قطر في لعب دور مهم في غزة، حيث لا توجد علامات على انتهاء القتال في أي وقت قريب.
وتستعد إسرائيل لتمديد الصراع من خلال التركيز على عمليات أكثر استهدافاً ضد حماس، التي تظل متحدية للاحتلال وتكبده خسائر فادحة وتستمر في شن مقاومة راسخة.
وفي هذا السياق، من المرجح أن تسعى قطر إلى التوسط في المزيد من عمليات وقف إطلاق النار المؤقتة وتبادل الأسرى، فضلاً عن تقديم المساعدات الإنسانية بالتعاون مع الدول العربية الأخرى.
ويقول التقرير موضحا:”سوف يعتمد نفوذ قطر في غزة على المدى الطويل، إلى حد كبير على مصير حكم حماس. ويجب على الدوحة أن تناور بمهارة في المشهد السياسي وهي تمارس دورها كوسيط.”
ويفترض التقرير أنه إذا تحقق سيناريو إزالة حماس المستبعد كقوة سياسية في غزة، فإن نفوذ قطر على القطاع سوف يتضاءل، مما يوفر للدول العربية الأخرى فرصة للتدخل وملء الفراغ.