“رمضان جانا”.. من أغنية مغمورة إلى أيقونة للشهر الفضيل كل عام
شارك الموضوع:
وطن – ارتبطت أغنية “رمضان جانا” للفنان المصري “محمد عبد المطلب” بذاكرة الشهر الفضيل طوال أكثر من خمسين عاماً منذ أن قام بغنائها لأول مرة في الإذاعة المصرية في 2 رمضان 1362 الموافق ل2 سبتمبر 1943.
وتتحدث الأغنية عن أجواء الاستعدادات في البيوت المصرية لاستقبال رمضان، والفرحة بقدومه بعد طول غياب، وكانت واحدة من أوائل الأغاني التي قدمتها الإذاعة المصرية بعد افتتاحها في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي.
ولا تزال هذه الأغنية بكلماتها البسيطة ولحنها الشجي تعتبر أيقونة استقبال شهر رمضان وقلما تخلو منها إذاعة عربية، ووصفها عبد المطلب في إحدى تصريحاته الصحفية بأنها أهم وأشهر من بيان المفتي الذي يُعلن من خلاله استطلاع هلال شهر رمضان. وتقول كلماتها :
رمضان جانا وفرحنا به
بعد غيابه وبقاله زمان
غنوا وقولوا شهر بطوله
غنوا وقولوا
أهلا رمضان.. رمضان جانا
أهلا رمضان.. قولوا معانا
أهلا رمضان جانا..
نتاج عبقريتين
وبحسب الباحث في التراث الغنائي “زياد سامي عيتاني” في دراسة له بعنوان “أغاني رمضان.. أقدمها “وحوي يا وحوي” و أشهرها “رمضان جانا”!” تمخضت وإنسابت أغنية “رمضان جانا” من امتزاج عبقريتين معاً: عبقرية اللحن الأخّاذ الذي تشد بدايته إليه الأذن شداً لصاحبه “محمود الشريف”.
والعبقرية الثانية هي صوت محمد عبد المطلب الذي تتركز فيه كل جماليات الغناء الشعبي بأسلوبه المتميز، حتى إن عميد الأدب العربي طه حسين قد سمّاه “القاعدة المصرية للأغنية الشعبية”.
-
اقرأ أيضا:
هاني شاكر يهدي السوريين.. رمضان كريم يا حلب
كانت أغنية مغمورة
وظهرت أغنية “رمضان جانا” لأول مرة على الإطلاق بصوت المطرب المغمور محمد شوقي وألحان سيد مصطفى يوم الخميس 2 رمضان عام 1362 هجري الموافق 2 سبتمبر – أيلول عام 1943 م.
وهذا ما دفع الشاعر حسين طنطاوي للجوء إلى أحمد عبدالقادر، الذي كان يعمل في الإذاعة المصرية عارضاً عليه أن يغنيها بصوته، علّ الأغنية تأخذ نصيبها من النجاح.
وبما أن الإذاعة في حينه كانت ترفض أن يقوم مطرب واحد بغناء أغنية عن نفس الموضوع، تنازل عنها عبد القادر لصالح المغني محمد عبد المطلب، الذي حلقت بصوته وأسلوبه إلى أقصى ما يمكن أن تبلغه أغنية من نجاح على الإطلاق.
حكاية أغنية
وقدمت قناة “الجزيرة الوثائقية” ضمن سلسلة “حكاية أغنية” حلقة عن الأغنية التي لحنها محمود شريف وغناها محمد عبد المطلب، وبُثت رسميا عام 1965، وهزت وجدان المصريين فتمايلت مُدن الكنانة على إيقاعها لعقود عدة.
ويروي الصحفي بالأهرام “أحمد السماحي” أن إنتاج الأغنية كلف 20 جنيها، ستة جنيهات للمغني عبد المطلب، وخمسة لملحنها شريف، والباقي لأعضاء الفريق.
ووفق المصدر لم تعد هذه الأغنية مجرد لحن عابر في ذاكرة الأيام، وإنما مست شغاف قلوب المصريين والعرب وتحولت إلى طقس خالد وسيمفونية يعزفها الزمن نظرا لبساطتها وعذوبتها.
وفي حديثها بالوثائقي تقول سمية محمد عبد المطلب “أبي غناها بإحساس وفرح، والناس لا تشعر برمضان إلا بعد سماع الأغنية”.
وتحكي سمية قصة ميلاد “رمضان جانا”، وأنها دخلت على والدها في غرفته وهو يتمرن على حفظ كلمات الأغنية ثم “ارتدي الجلابية البلدية”.
فى منتصف الأربعينات، كان تأثير الحرب العالمية الثانية يلقى بظلاله على حالة الكساد في كل المجالات ومنها الفن حيث أغلقت الكازينوهات وتأثرت السينما، ولم يكن للمطربين والفنانين ملجأ ومصدر للرزق سوى الإذاعة يأتى إليها الفنانون ليختاروا كلمات المؤلفين ،وبقيت أغنية رمضان جانا الوحيدة التي لم يخترها أي مغني، حتى أختارها أحمد عبد القادر لكن الإذاعة المصرية رفضت منحه الأغنية لأنها كانت تضع شروطًا من ضمنها رفض قيام مطرب واحد بغناء أغنية عن نفس الموضوع فتنازل عنها لصالح محمد عبدالمطلب، الذي حصل على مبلغ 6 جنيه مصري مقابل غنائها.
يذكر أن المصريين عرفوا الأغنية الرمضانية مع عهد الدولة الفاطمية، وعندما حكم المماليك مصر، كان الغناء فى المناسبات الدينية على رأس ما ورثوه من مظاهر وعادات، حتى تحول شهر رمضان فى عهد المماليك إلى شهر عبادة وطرب.
من هو محمد عبد المطلب
وولد الفنان محمد عبد المطلب الأحمر، ببلدة شبراخيت فى محافظة البحيرة، يوم 13 أغسطس 1910، نشأ فى بيئة ذات طابع محافظ، فخاله الشيخ محمد دراز عضو ووكيل الأزهر السابق، وقد تربع على عرش الأغنية الشعبية ونال وسام العلوم والفنون عام 1964، وجائزة الجدارة فى عيد الفن عام 1979، ورحل عن عمر يناهز السبعين فى مثل هذا اليوم 21 أغسطس 1980م