دور رئيسي لغزة.. سر “انتكاسة” حزب أردوغان والسقوط المفاجئ للعدالة والتنمية في الانتخابات المحلية

وطن – أثار السقوط المدوي والانتكاسة الكبيرة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البلدية بتركيا، أمام المعارضة لأول مرة والفوز الكبير والغير متوقع لحزب الشعب الجمهوري، جدلا واسعا بين الساسة والنشطاء عبر منصات التواصل وسط تساؤلات عن الأسباب التي أدت لهذا.

وبحسب النتائج الأولية فقد تقدم حزب الشعب الجمهوري على باقي الأحزاب وتفوق لأول مرة على العدالة والتنمية ـ حزب أردوغان ـ محققًا نسبة أصوات بلغت 37.5% بينما حل الحزب الحاكم في المركز الثاني بنسبة تصويت 35.6%، والرفاه مجددًا في المركز الثالث بنسبة 6.1%.

وضمن التحليلات ذهب البعض إلى أن ما حدث يأتي ضمن ما سموه “بالتصويت العقابي”ـ أي إيصال رسائل للقيادة السياسية عبر صناديق الاقتراع، وهو ما حصل بوضوح في هذه الانتخابات، وعليه مؤشرات عديدة.

كيف لعبت غزة دورا في هزيمة حزب أردوغان أمام المعارضة؟

حيث تشير نسبة المشاركة المتدنية إلى عزوف واضح عن المشاركة في الانتخابات بين أنصار العدالة والتنمية، فإذا ما استثنينا الانتخابات المحلية عام 2004 (الأولى للعدالة والتنمية بنسبة مشاركة %76.2) تكون هذه النسبة الأقل في الانتخابات المحلية منذ سبعينيات القرن الماضي. كما أن تراجع عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب بأكثر من مليوني صوت (15.7 مليون صوت مقابل 18 مليون صوت في 2019)، رغم ارتفاع عدد المصوتين يعضد هذه الفرضية.

وأكد آخرون أن ما يحدث في قطاع غزة من مجازر وعدوان إسرائيلي غاشم وعدم قيام أردوغان وحزبه بالمأمول منهم في هذا الموقف، كان له تأثير كبير في الانتخابات التركية، حيث شكل موقف أردوغان وحكومته الذي لم يكن على المستوى من عدوان غزة صدمة كبيره لناخبي حزب العدالة والتنمية.

وبعد هذه النتائج المفاجئة والانتكاسة الكبيرة لحزب أردوغان، قد يكون هناك تغييرًا في الموقف التركي الحكومي بشأن غزة، وخاصة بعد أن شعر المسؤولين بالحزب أنها لعبت دورًا في خسارة العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية التركية.

ولا شك أن العدوان على غزة وموقف الحزب التركي الحاكم منه كان له تأثير كبير على نتائج الانتخابات، لكن لا يعني ذلك أن موضوع غزة هو السبب الرئيسي أو الوحيد لسقوط حزب العدالة والتنمية.

فتأثير موضوع غزة نراه في تضخم أصوات حزب الرفاة، فالأصوات التي كانت تصوت لحزب العدالة وغضبت منه بشأن غزة ذهبت وصوتت لحزب الرفاة في حين الأصوات الأخرى قاطعت الانتخابات.

وشكل موضوع غزة صدمة كبيرة لناخبي حزب أردوغان الحاكم، ففي الوقت الذي كانوا ينظمون فيه حملات مقاطعة كبيرة ضد الاحتلال، وبالرغم من طلبات ناخبي العدالة والتنمية للحكومة بإيقاف التجارة مع الاحتلال الإسرائيلي إلا أن الحكومة التركية تجاهلت المطالب، ما ترك أثرا سلبيا لدى ناخبي الحزب ظهر جليا في النتائج الحالية.

نتائج مفاجئة بانتخابات البلدية تشهدها تركيا لأول مرة

ويشار إلى أنه لأول مرة منذ 1977 يحصل حزب الشعب الجمهوري على المركز الأول في كافة عموم تركيا. وكررها في أهم ولايتين إسطنبول وأنقرة، والتي انتزعها حزب CHP من حزب أردوغان في الانتخابات الماضية عام 2019.

وهذه المرة لم يكتف حزب الشعب الجمهوري بالفوز ببلدية أنقرة وإسطنبول الكبرى فقط بل فاز بالأغلبية في مجلس البلدية.

وفي ولاية “مانيسا” كانت هناك مفاجأة كبيرة حيث أن هذه المدينة هي أحد أهم معاقل حزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه ولم يخسر فيها أبدا. وفي انتخابات 2019 قرر حزب العدالة والتنمية بناء على الاتفاق مع حزب MHP دعم مرشح حزب MHP في انتخابات البلدية وبالفعل فاز مرشح الحزب المدعوم.

وفي هذه الانتخابات عقدا الحزبان نفس التحالف، لكن كانت المفاجأة أن حزب الشعب الجمهوري هو من فاز فيها. وكذلك تسبب حزب الرفاه الجديد بفوز حزب الشعب الجمهوري بالأغلبية في مجلس البلدية أيضا.

ولأول مرة وفي حدث تاريخي حزب CHP يفوز برئاسة بلدية كوتاهيه على المرشح المشترك لحزب العداله وMHP. كما أنه لأول مره في تاريخ حزب الشعب الجمهوري يفوز ببلدية بورصة، ولأول مرة في تاريخه يخسر حزب العدالة بلدية بورصا.

كما فاز حزب الشعب الجمهوري ببلديات (كيليس وزنجولداغب وكيرك قلعه واسكودار، لأول مرة وفي انتصار كاسح على حزب العدالة والتنمية الحاكم.

صدمة لحزب العدالة والتنمية

ويقول محللون إنه ربما كان متوقعًا أن يتراجع حزب أردوغان الحاكم في تركيا في نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة لعدة أسباب، لكن النتائج الأولية أظهرت تراجعًا كبيرًا غير متوقع وخسارة مدوية له.

حيث تقدم عليه حزب الشعب الجمهوري لأول مرة، ولم يكتفِ بالاحتفاظ ببلديات بعض المدن الكبرى، وإنما ضم لها مدنًا ومحافظات إضافية في مشهد فوز كاسح شكل صدمة للكثيرين.

وبهذا يكون تقدم حزب الشعب الجمهوري واضحا وضوح الشمس، وكذلك تراجع الحزب الحاكم حزب العدالة والتنمية كبيرًا وجليا، رغم أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية قبل 10 أشهر فقط حملت نتائج مختلفة عن الحالية.

الأمر الذي يدفع لدراسة ونقاش الأسباب والعوامل المساهمة في هذه النتيجة الصادمة للحزب الحاكم الذي كان فاز في كل الاستحقاقات الانتخابية التي خاضها منذ تأسيسه عام 2001 وحتى الآن.

Exit mobile version