ضربة للإمارات.. صعوبات تعرقل مساعي أبو ظبي للاستحواذ مع شركة طاقة إسبانية عملاقة

وطن – في الوقت الذي تسعى فيه شركة “طاقة” الإماراتية لإتمام صفقتها مع عملاق الطاقة الإسباني “ناتورجي”، فإنّ بيع الغاز الجزائري المسوّق في إسبانيا إلى المغرب يواجه تحديات وصعوبات كبيرة.

وقال الخبير والمحلل في شؤون الطاقة بغداد مندوش، إنّ بيع الغاز الجزائري المسوّق في إسبانيا إلى المغرب، أمر مستبعد جدا حتى لو تمت عملية استحواذ شركة “طاقة” الإماراتية على الشركة الإسبانية.

وأضاف أن هذا الأمر ليس فقط لأسباب تعاقدية تمنع ذلك، لكن أيضا بوجود حلول تقنية عبر مواد ملونة تضخ في أنبوب الغاز تكشف تفاصيل ومسار وجهته النهائية بدقة.

وأضاف في حديث لصحيفة “الشروق” الجزائرية، أن عقد الشركة الوطنية للمحروقات مع “ناتورجي” الإسبانية يتميز بأنه طويل المدى ويستمر حتى عام 2030.

وأشار إلى أن من بنوده الواضحة هو أن الغاز المصدّر موجّه للسوق المحلية الإسبانية، وأي تغيير في وجهته يجب أن يحظى بموافقة مسبقة من طرف “سوناطراك”.

وتحدّث مندوش عن جملة من الأسباب والعوامل التي ترجّح عدم إتمام هذه الصفقة، وإن حدثت، ستكون على مستوى محدود وليس مثلما عرضته شركة “طاقة” الإماراتية بشراء مائة بالمائة.

حضور إماراتي

أما بخصوص مقترح شركة “طاقة” الإماراتية لشراء كامل أسهم “ناتورجي”، شرح أنه من الناحية المالية، يمكن أن يتم فقط بما يقارب 42% من الأسهم وليس 100%، وهي حصة الطرف الإسباني فيها، بالنظر لوجود مساهمين أجانب.

وأوضح أن هذا الأمر راجع لعدة أسباب، ما يجعل منها مساهما لا يتمتع بالأغلبية المطلقة، بالنظر لكون بنك “كايكسا” الإسباني هو مملوك في الأصل للصندوق الاستثماري الأمريكي العملاق “بلاك روك”، الذي يستثمر عبر العالم نحو 1000 مليار دولار.

وأفاد بأن “ناتورجي” شريك لشركة سوناطراك، في خط أنابيب “ميدغاز” الرابط بين الجزائر وإسبانيا، وتحوز على 49% من أسهمه، مقابل 51 بالمائة للطرف الجزائري.

ولفت إلى أن هذا الأنبوب ما زال لم يحقق عوائد الاستثمار الخاصة به وليس من مصلح “ناتورجي” أن تنهي العقد الذي يربطها بـ”سوناطراك” للتموين بالغاز الذي يمتد إلى سنة 2030.

سوناطراك وناتورجي
ناتورجي شريك مع سوناطراك في خط أنابيب “ميدغاز” الرابط بين الجزائر وإسبانيا

تعليمات أوروبية

وأشار إلى تعليمات أوروبية في مجالات الطاقة والكهرباء والماء والهاتف الثابت والنقال، تنص على أنه في حال وجود إسهام سيادي للحكومات في الشركات الناشطة في هذه القطاعات، يجب أن لا تتخلى عنها كليا خارج شركات وطنية.

وأوضح أنه في إسبانيا، يوجد مرسوم ملكي ينص صراحة على أن الحكومة تسهر في حال وجود صفقات مماثلة للعرض الإماراتي، في القطاعات الإستراتيجية المذكورة، حيث يمنح لها الحق في ممارسة الشفعة ولها الأسبقية لشراء هذه الأسهم، كما حدث مع “تيليفونيكا” للاتصالات، التي تلقت عرضا من أجانب، لكن الحكومة الإسبانية تدخلت طبقا لهذا المرسوم الملكي.

سيناريو محتمل

ورجح أنه في أقصى الاحتمالات الممكنة، فإن الحكومة الإسبانية سوف تتدخل لشراء بعض الأسهم للشركتين الإسبانيتين المساهمتين في “ناتورجي” واللتين تريدان بيع أسهمهما، كي لا تسمح للطرف الإماراتي بشراء 41 بالمائة كاملة، لتكون بذلك مساهما لا يتمتع بالأغلبية المطلقة في مجلس الإدارة والجمعية العامة.

وفي حال تم بيع كامل الأسهم وهي 41 للشركة الإماراتية، يشرح الخبير مندوش، فإن العقد الذي يربط بين “سوناطراك” و”ناتورجي” يبقى ساري المفعول إلى غاية 2030، وآنذاك، فإن الشركة مع المساهمين الجدد سيختارون تجديد العقد أو عدم تجديده.

وينص المرسوم الملكي رقم 571، الصادر في 2023، على منح الصلاحية للحكومة بدراسة عرض أي جهة أجنبية للدخول في شركة وطنية خاصة أو عامة نسبته أكثر من 10 بالمائة، وهو ينطبق على هذه الحالة المتعلقة بالعرض الإماراتي.

  • اقرأ أيضا:
الجزائر تكبد الاقتصاد الإسباني خسائر مزلزلة.. ما علاقة المغرب؟

لكنه استبعد أن تتم بهذا الحجم، أي وفق ما تطلبه الشركة الإماراتية، وإذا حدث ذلك، سيكون عند 10 أو 15 بالمائة فقط.

ويتابع: “العقود الطويلة معروفة ببنود واضحة، وهي بند خذ أو ادفع، وأيضا بند الوجهة النهائية للغاز، ولذلك، فإن الزبون مجبر، على تسويق الغاز في السوق المحلية، ولا يمكن له بيع أو تحويل كميات منه خارج التراب الوطني المحدّد له، وإذا حدث ذلك، سيقود إلى التحكيم الدولي وتعويضات كبيرة جدا للجهة الممونة وهي “سوناطراك”.

وتطرق إلى أن “سوناطراك” وشركات مصدّرة للغاز يمكن لها التحقق من الوجهة النهائية للغاز المصدّر إلى سوق ما، على غرار السوق الإسبانية، بالتعاون مع شركات متخصصة لها إمكانات وتقنيات، من بينها ضخ مادة ملونة في أنبوب الغاز تحتوي على مكونات كيميائية معروفة ومحدّدة بدقة، ثم يتم التحقق من البلد الذي حصل شك في أن الغاز قد تم تحويله إليه، وفي حال وجود نفس الملون بنفس المواصفات الكيميائية، فهذا سيكون دليلا على إعادة بيع الغاز لغير وجهته المحدّدة.

وضع عالمي معقد

ومن الأسباب التي قد تحول دون إتمام هذه الصفقة، ما تعلق بوضع السوق الغازية الدولية في أعقاب الحرب الروسية – الأوكرانية، وتحولها إلى سوق تتسم بالطلب وليس بالعرض.

وأشار إلى أن الجزائر لها مزايا تنافسية بوجود خطي أنابيب غاز نحو إيطاليا وإسبانيا، فضلا عن الناقلات والقرب الجغرافي من السوق الأوروبية، ما يعني، حسبه، أن الغاز الجزائري سعره منخفض مقارنة بما يأتي من أمريكا أو مناطق أخرى.

وخلص المتحدث قائلا: “وفق هذه المعطيات، وبما أننا في وضعية ليست سياسية بل اقتصادية تسيطر على سوق الغاز، فإن كل زبون سيدرس مصالحه الاقتصادية والمالية بعناية ودقة قبل تغيير قراره تجاه البلد الذي يمونه بالغاز”.

ولفت إلى أنه مثلما أشير إليه في المنتدى السابع للدول المصدّرة للغاز بالجزائر، فإن الطلب على هذا المصدر الطاقوي سيرتفع سنويا ويبقى مطلوبا إلى 2050 على الأقل.

وقال: “الجزائر وسوناطراك ليس لهما أي إشكال لتصدير الغاز إلى أي زبون بالنظر لوجود طلب، بل إن سوناطراك حاليا غير قادرة على تلبية جميع الطلبيات نظرا لكونها مرتفعة جدا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى