قتل بالبطيء وانتهاكات مروعة.. منظمات حقوقية تدعو إلى ضرورة الوصول لمعتقلي الرأي بالسعودية

وطن – دعت عدة منظمات حقوقية عالمية بينها (القسط لحقوق الإنسان، والعفو الدوليّة، والديمقراطيّة الآن للعالم العربي، والمنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان “فيمينا”، ومركز الخليج لحقوق الإنسان)، إلى ضرورة الوصول إلى معتقلي الرأي في السعودية، الذين يتعرضون بشكل روتيني للاختفاء القسري وللانتهاكات الوحشيّة على أيدي السجناء والحراس الآخرين وللإهمال الطبي، ما يهدد حياتهم بشكل كبير وبالفعل توفي البعض منهم داخل معتقلات محمد بن سلمان.

وجاء في التقرير الذي وقعت عليه هذه المنظمات أنها تشعر بقلق بالغ إزاء التطوّرات التي تهدّد سلامة ورفاهيّة الناشطة النسوية ومدرّبة الرياضة المحتجزة مناهل العتيبي.

مناهل العتيبي نموذجا

ففي 14 أبريل 2024، عندما تمكّنت العتيبي أخيرًا من الاتصال بأسرتها بعد اختفائها قسريًّا منذ نوفمبر 2023، أخبرتهم أنها محتجزة في الحبس الانفرادي في “سجن الملز” بالرياض وأن ساقها مكسورة بسبب الاعتداء الجسدي الذي تعرّضت له. وقالت إنها محرومة أيضًا من الزيارات الطبيّة.

ووفق التقرير يُعد هذا الأمر دليلًا آخر على تقويض السلطات لأبسط حقوق المعتقلين في نظام السجون الغامض في السعودية، حيث يتعرض من يقبعون وراء القضبان، بشكل روتيني لانتهاكات مروعة.

وقبل فترة وجيزة من اختفائها في 5 نوفمبر 2023، علمت منطمة “القسط” لحقوق الإنسان، أن مناهل العتيبي قد تعرّضت لمختلف أشكال الاعتداء على يد سجينة أخرى، بما في ذلك الضرب والعض والتهديد بالقتل. وفي المكالمة الهاتفيّة الأخيرة التي أجرتها مع أسرتها، قالت العتيبي أنها قد تعرّضت للمزيد من الضرب منذ ذلك الحين.

  • اقرأ أيضا:
تعذيب مناهل العتيبي في سجن الملز .. سلطّوا عليها سجينة شوّهت جسدها!

الداعية موسى القرني قتل في زنزانته

كما وتعد إساءة معاملة العتيبي وحرمانها من العلاج الطبي أثناء الاحتجاز جزءًا من اتجاه متصاعد ومقلق يعرض حياة السجناء للخطر. ففي إحدى الحالات الفظيعة، قُتل الداعية السعودي موسى القرني في زنزانته في أكتوبر 2021 على أيدي سجناء آخرين.

وذلك على الرغم من أنه اشتكى بصورة متكرّرة إلى إدارة السجن من الأخطار التي يتعرّض إليها من السجناء الذين سُجن معهم.

وفي أبريل 2020، توفي رمز الدفاع عن حقوق الإنسان عبدالله الحامد أثناء الاحتجاز نتيجة رفض السلطات المتكرر توفير العلاج الطبي المناسب له. وبعد سنوات، فشلت السلطات في التحقيق بفعالية في هذه الوفيات وغيرها من الوفيات المماثلة.

وعلّقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في منظمة القسط، لينا الهذلول، قائلة: “إن محنة العتيبي تسلّط الضوء على ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في نظام السجون في السعوديّة، حيث تعرّض السلطات حياة معتقلي الرأي للخطر ثم تتستّر على جرائمها، في تجاهل صارخ لحقوق الإنسان الأساسيّة. وفي ضوء الغياب الكامل للشفافية، ثمّة حاجة ملحة لوصول الخبراء الدوليّين المستقلين والمنظّمات غير الحكوميّة إلى مرافق الاحتجاز في البلاد لرصدها”.

وقد اعتُقلت مناهل العتيبي في 16 نوفمبر 2022، وتواجه تهمًا بموجب نظام مكافحة جرائم المعلوماتيّة القمعي في المملكة لتعزيزها السلمي لحقوق المرأة، وارتداء ملابس “غير محتشمة”، والتغريد تحت وسوم نسويّة.

وهي تنتظر حاليًا المحاكمة أمام المحكمة الجزائيّة المتخصّصة، وهي محكمة الإرهاب السعوديّة المشهورة بإجراء محاكمات بالغة الجور وإصدار أحكام قاسية على الأفراد الذين ينتقدون السلطات.

فوز العتيبي

كما وتواجه شقيقتها فوز العتيبي، التي هربت من السعوديّة بحسب التقرير خوفًا من الاعتقال بعد استدعائها للاستجواب في عام 2022، تهمًا مماثلة. وفي ديسمبر 2023، أصدر المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان رسالة عامّة إلى السلطات السعوديّة بشأن قضيتي فوز ومناهل، ودعا إلى الإفراج الفوري عن الأخيرة.

كما وقد أخضعت السلطات بشكل روتيني معتقلي الرأي، وغيرهم من المعتقلين تعسفيًّا، للحبس الانفرادي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، بمن فيهم المدافع عن حقوق الإنسان محمد القحطاني والعامل في المجال الإنساني عبد الرحمن السدحان. ويُعدُّ الحبس الانفرادي المطوّل لأكثر من 15 يومًا انتهاكًا لحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانيّة والمهينة.

علاوة على ذلك، أثناء اختفائهم وعدم إمكانية الوصول إلى سبل الانتصاف القانونيّة، يواجه السجناء مخاطر شديدة تجعلهم عرضة للمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، بما في ذلك العنف الجنسي أو التعذيب.

  • اقرأ أيضا:
فوز العتيبي تكشف كيف حاولوا تجنيدها للتجسس على الأمراء والعمل بالدعارة!

كما لا يُسمح حاليًا برصد مستقل لأوضاع السجون في السعوديّة، وترفض السلطات التعاون مع هيئات الأمم المتحدة، مما يحرم المكلّفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصّة للأمم المتحدة من الوصول إلى البلاد.

وفي الوقت نفسه، فشلت هيئة حقوق الإنسان الرسميّة التابعة للحكومة، وهي هيئة حقوق الإنسان السعوديّة، باستمرار في معالجة الشكاوى المتعلّقة بالتعذيب أو سوء المعاملة بفعاليّة داخل مرافق الاحتجاز التي زارتها، وعملت بدلًا من ذلك كأداة تبييض للسلطات.

وحثت المنظمات الموقعة على التقرير في نهايته، السلطات السعوديّة على منح المراقبين الدوليّين المستقلين والمنظّمات غير الحكومية إمكانية الوصول إلى السجناء والمعتقلين، وأن توجّه دعوات إلى المكلّفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة وتقبل الزيارات القطريّة منهم على النحو الذي أوصت به عدّة دول خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير للمملكة أمام مجلس حقوق الإنسان.

كما دعت السلطات إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن مناهل العتيبي وجميع المعتقلين الآخرين على خلفيّة تعبيرهم عن آرائهم. وفي انتظار الإفراج عن العتيبي، يجب على السلطات ضمان سلامتها وحصولها على الرعاية الطبيّة الكافية.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث