(أسوشيتد برس – وطن) – اتهمت الحكومة السودانية الإمارات العربية المتحدة يوم الأربعاء بتزويد قواتها شبه العسكرية المنافسة بالأسلحة وإطالة أمد الحرب المستمرة منذ 17 شهرًا. ووصفت الإمارات هذه المزاعم بأنها “كاذبة تمامًا” و“لا أساس لها من الصحة” واتهمت الحكومة السودانية برفض التفاوض على السلام مع خصومها وفق ما جاء في تقرير لوكالة “اسشويتد بريس”.
وجاءت هذه المواجهة الأخيرة خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث صوت أعضاؤه الخمسة عشر بالإجماع على تمديد حظر الأسلحة في منطقة دارفور غرب السودان – وهي ساحة معركة رئيسية للقوات المتنافسة – حتى 12 سبتمبر/أيلول 2025.
سياق النزاع
انزلق السودان إلى صراع دموي في منتصف أبريل 2023، عندما اندلعت التوترات الطويلة الأمد بين قادته العسكريين وشبه العسكريين في العاصمة الخرطوم، وانتشرت إلى دارفور ومناطق أخرى. أُجبر أكثر من 13 مليون شخص على الفرار من منازلهم، وغرقت البلاد في أزمة إنسانية. ووفقًا لرئيس منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، قُتل أكثر من 20 ألف شخص.
اتهامات متبادلة
اتهم السفير السوداني الحارث محمد الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع شبه العسكرية (RAF) بالأسلحة الثقيلة والصواريخ والذخيرة، و“الاستفادة من هذه الحرب من خلال الاستغلال غير المشروع للذهب“. كما استشهد بشحنة أسلحة حديثة مرت عبر تشاد إلى قوات الدعم السريع، وزعم أن معبر أدري الحدودي الذي أُعيد فتحه مؤخرًا في تشاد “يُساء استخدامه” لنقل الأسلحة إلى هذه القوة شبه العسكرية. كما زعم أن الإمارات تستفيد من الذهب السوداني.
في المقابل، وصف السفير الإماراتي محمد أبو شهاب مزاعم السودان بأنها “محاولة ساخرة لصرف الانتباه عن إخفاقات القوات المسلحة السودانية“. واتهم جيش السودان بإظهار “عدم وجود شجاعة سياسية” واستخدام التجويع كسلاح في الحرب، ورفض الاستجابة لدعوات إنهاء الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ردود فعل المجتمع الدولي
قاطع الجيش السوداني المفاوضات في جنيف بسويسرا الشهر الماضي والتي كانت تهدف إلى حث المساعدات الإنسانية وبدء محادثات السلام، على الرغم من المناشدات الدولية له بالمشاركة. في المقابل، أرسلت قوات الدعم السريع وفدًا إلى جنيف.
وفي يوليو/تموز، أفاد خبراء عالميون بأن المجاعة في مخيم ضخم للنازحين في دارفور قد تحولت إلى مجاعة حقيقية، وحذروا من أن نحو 25.6 مليون شخص، وهو أكثر من نصف سكان السودان، يواجهون جوعاً حاداً.
قال نائب السفير الأميركي روبرت وود للمجلس إن الناس في دارفور “يعيشون في خطر ويأس“، ويواجهون فيضانات شديدة وقيوداً على المساعدات الإنسانية وانتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان ونزوحاً جماعياً كل يوم. وأضاف وود أن قرار تمديد حظر الأسلحة في دارفور “يرسل إشارة مهمة بأن المجتمع الدولي يركز على محنتهم وملتزم بتعزيز السلام والأمن في السودان والمنطقة“.
التحليل والآراء
سعت بعض الدول إلى تمديد حظر الأسلحة في جميع أنحاء السودان، لكنها فشلت في ذلك. قال جان بابتيست جالوبين من منظمة هيومن رايتس ووتش إن فشل المجلس في تمديد العقوبات “فرصة ضائعة” ينبغي تصحيحها في أقرب وقت ممكن “للحد من تدفق الأسلحة وكبح الفظائع واسعة النطاق التي ترتكب في البلاد“.
كما أصدرت لجنة حقوق الإنسان المدعومة من الأمم المتحدة تقريرًا يوم الجمعة الماضي، دعت فيه إلى توسيع حظر الأسلحة ليشمل البلاد بأكملها وحثت على إنشاء “قوة مستقلة ومحايدة” لحماية المدنيين في حرب السودان. وألقى فريق تقصي الحقائق، الذي أنشأه مجلس حقوق الإنسان ومقره جنيف، باللوم على الجانبين في ارتكاب جرائم حرب بما في ذلك القتل والتشويه والتعذيب وحذر من أن الحكومات الأجنبية التي تسلحهم وتمولهم قد تكون متواطئة. كما اتهم قوات الدعم السريع وحلفاءها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بما في ذلك الاغتصاب والعبودية الجنسية والاضطهاد على أسس عرقية أو جنسية.
النظرة المستقبلية
قبل عقدين من الزمان، أصبح اسم دارفور مرادفاً للإبادة الجماعية وجرائم الحرب، خاصة من جانب ميليشيات الجنجويد العربية ضد السكان الذين يعتبرون أنفسهم من وسط أو شرق أفريقيا. وقد قُتل ما يصل إلى 300 ألف شخص وأُجبر 2.7 مليون شخص على النزوح من ديارهم.
ويبدو أن هذا الإرث قد عاد، حيث قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في أواخر يناير/كانون الثاني إن هناك أسباباً للاعتقاد بأن كلا الجانبين يرتكبان جرائم حرب محتملة، وجرائم ضد الإنسانية، أو إبادة جماعية في دارفور.
قال نائب السفير البريطاني جيمس كاريوكي للمجلس: “ندعو الدول بشكل عاجل إلى الامتناع عن تعزيز القدرة القتالية لأي من الجانبين. وبدلاً من ذلك، يتعين على أولئك الذين لديهم نفوذ لدى الطرفين أن يستخدموا هذا النفوذ لإقناعهما بالجلوس إلى طاولة المفاوضات“.