وطن – مع ترشيح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لتولسي غابارد، النائبة الديمقراطية السابقة، لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، عادت للواجهة الآراء التي أبدتها سابقاً بشأن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. ورغم محاولة غابارد حشد التأييد في مجلس الشيوخ لتثبيت تعيينها، فإن ارتباطها بأسد سوريا ومواقفها المتساهلة تجاهه تثير تساؤلات عدة.
وصرّح السيناتور مارك وارنر (ديمقراطي من فرجينيا) يوم الاثنين، خلال قمة لمديري الشركات نظمتها صحيفة “وول ستريت جورنال”، قائلاً: “لدي العديد من الأسئلة”، مشيراً إلى رغبته في معرفة تفاصيل “التواصل المتبادل بين غابارد والأسد” وتقاربها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى دعمها لمخبرين مثل إدوارد سنودن وجوليان أسانج.
نكتة لاذعة
انتقاد ارتباط غابارد بالأسد بلغ حداً دفع مارك شورت، الرئيس السابق لموظفي مايك بنس كنائب للرئيس، إلى إطلاق نكتة لاذعة في برنامج سياسي صباحي قائلاً إن أكثر ثلاثة أطراف يهمها سقوط الأسد مؤخراً هم “بوتين، والمرشد الإيراني (الآية الله)، وتولسي غابارد”.
وكانت غابارد، التي شغلت مقعداً في الكونغرس من 2013 إلى 2021، قد زارت سوريا عام 2017 والتقت بالأسد في رحلة أثارت الدهشة. الأسد، الذي ورث الحكم عن والده، عُرف بكونه دكتاتوراً شديد الوحشية والفساد، حيث اتُهمت قواته عام 2013 باستخدام غاز السارين ما أودى بحياة 1400 شخص، واستخدام البراميل المتفجرة ضد المدنيين. وقد تسببت سياساته القمعية في تشريد وتعذيب واعتقال أعداد لا تُحصى من السوريين، كما وثق الصحفيون ثروته الباذخة وسياراته الفارهة التي تكشفت عقب سقوطه.
لا يمكن تحقيق اتفاق سلام في الحرب الأهلية السورية
ومنحت منظمة “فريدوم هاوس” سوريا درجة واحدة فقط من أصل 100 في تصنيفها للعام 2024 بشأن مستوى الحرية، ما يجعلها من بين أدنى الدول حرية في العالم.
بعد زيارتها لسوريا عام 2017، بررت غابارد مواقفها بالقول إنه لا يمكن تحقيق اتفاق سلام في الحرب الأهلية السورية دون موافقة الأسد. لكن ذلك تغير عندما فرّ الأسد من البلاد وحصل على لجوء في روسيا تحت حماية بوتين. وشكّل سقوطه نهاية أكثر من خمسين عاماً من حكم عائلته في مشهد إنهيار مفاجئ لنظامه.
خلال وجودها في الكونغرس، استندت غابارد غالباً إلى حُجّة أن البديل عن الأسد سيكون أسوأ، محذرة من انتصار الجماعات الجهادية إذا أطيح بنظامه. إلا أن التطورات على الأرض أظهرت أن السيناريوهات القاتمة التي حذّرت منها غابارد لم تتحقق، على الأقل ليس بالحجم الذي صورته.
فيما يلي سبع مرات تحدثت فيها غابارد في قاعة مجلس النواب (أو عبر تصريحات مكتوبة أُدرجت في السجل الكونغرس) مدافعة بشكل مباشر أو ضمني عن استمرار الأسد في السلطة، من خلال التحذير من عواقب إزاحته والتقليل من مسؤوليته عن جرائم الحرب:
- مايو 2018: خلال مناقشة مشروع قانون السياسة الدفاعية السنوي، احتجت غابارد على تطوير استراتيجية لمواجهة إيران، مشيرة إلى أن “صقور الحرب” قد يجرّون الولايات المتحدة إلى مزيد من حروب الشرق الأوسط. تساءلت عمّا إذا كان الهدف هو تغيير النظام في إيران أو سوريا، مؤكدة ضرورة الابتعاد عن دعم الجماعات التي تقوض الاستقرار.
- ديسمبر 2016: تحدثت عن مشروع قانون يهدف إلى منع دعم الولايات المتحدة للجماعات الإرهابية، قائلة إن واشنطن تدعم حلفاءً للتنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش في حربهم لإسقاط الأسد، وحذّرت من الجنون في تكرار دعم ما يسمى بالمتمردين المعتدلين.
- يونيو 2016: فيما يتعلق ببند يموّل تدريب الجماعات السورية المتمردة، أكدت غابارد أن هذه الجماعات مركزة أساساً على الإطاحة بالأسد، وأن إزاحته ستنتج أزمة أسوأ. شددت على أنه “من خلال مساعدة من يريدون إسقاط الأسد، نساعد داعش والقاعدة في تحقيق أهدافهم”.
- مارس 2016 (الأول): وصفت غابارد أحد القرارات بأنه “محاولة مبطنة لاستخدام المنطق الإنساني كمبرر للإطاحة بالحكومة السورية”، محذرة من أن إزالة الأسد ستتيح لداعش والقاعدة مزيداً من النفوذ، وتخلق أزمة إنسانية أسوأ كما حدث في العراق وليبيا.
- مارس 2016 (الثاني): اعترضت على اعتبار عنف الأسد سبباً في جذب المقاتلين الأجانب لصالح داعش، رافضة ما رأته إعطاء “شرعية أخلاقية” لأفعال الإرهابيين. رأت أن تحميل الأسد المسؤولية عن صعود داعش يُضلل الصورة الحقيقية للصراع.
- ديسمبر 2014: اعتبرت غابارد أن دعم المتمردين السوريين “المعتدلين” خطوة خاطئة، وأنها تُطيل تدخل أمريكا وتخلق مأزقًا جديدًا في الشرق الأوسط. ترى أن إسقاط الأسد من دون رؤية واضحة سيفاقم الأوضاع على نحو مشابه لما حدث في العراق وليبيا.
- سبتمبر 2014: خلال مناقشة لتعديل مشروع قانون الإنفاق المؤقت لمساعدة المعارضة السورية، قالت غابارد: “التصويت لصالح هذا الاقتراح هو في الواقع تصويت للإطاحة بالأسد”، محذرة من عواقب فراغ السلطة لصالح الجماعات الإرهابية.
هذه المواقف توضح كيف دافعت غابارد، في مراحل متعددة، عن خيار عدم الإطاحة بالأسد، مستندة إلى مخاوف حول صعود المتشددين الإسلاميين وتداعيات إسقاط النظام على استقرار المنطقة. إلا أن التطورات الأخيرة بعد سقوط الأسد أظهرت صورة مختلفة عمّا حذّرت منه، على الأقل بحسب ما تشير التقارير والأوضاع على الأرض.