خيبة الإمارات: استثمارها الكبير في نظام الأسد ينتهي بنتيجة “صفر”
وطن – يخيّم شعور عميق بالخيبة والغضب على دوائر صنع القرار في الإمارات، بعد أن راهنت أبوظبي بقوة على بقاء نظام بشار الأسد المخلوع في سوريا، لتكتشف حصيلة هذا الاستثمار السياسي والمالي تساوي صفرًا، وذلك بعد سيطرة قوى المعارضة على دمشق وغيرها من المدن الكبرى في البلاد.
وكشف مسؤول غربي رفيع متابع للشأن السوري، في تصريحات لموقع Middle East Eye، أن المسؤولين الإماراتيين يشعرون بالغضب الشديد بعد إنفاقهم الكثير على نظام الأسد من دون أن يحصدوا أي مكاسب ملموسة.
القوى الإقليمية والدولية تتزاحم على الساحة السورية
تأتي هذه التطورات في وقت تتزاحم فيه القوى الإقليمية والدولية على الساحة السورية مع عودة شبح الربيع العربي. وبحسب المصدر الغربي، فإن الإمارات غاضبة خصوصًا من الدعم الأمريكي لهيئة تحرير الشام من خلال تركيا، فيما يبدو أن دول الخليج باتت مضطرة للتعامل مع واقع جديد في سوريا.
وفقًا لما ذكره الموقع، فإن الإمارات التي أمضت سنوات في محاربة الحركات السياسية الإسلامية التي اعتبرتها تهديدًا لحكمها، تجد نفسها الآن مضطرة للتعامل مع سيناريو مخالف لرغباتها. فقد نشأت إمكانية عمل حكومة سورية برعاية هيئة تحرير الشام المدعومة من تركيا والمقربة من الولايات المتحدة، مما يضع الإمارات في موقف حرج ويجبرها على إعادة النظر في استراتيجيتها.
هيئة تحرير الشام قوة فاعلة
كما فاجأت السرعة التي تحولت بها هيئة تحرير الشام إلى قوة فاعلة كلا من السعودية والإمارات ومصر، حيث عبّر دبلوماسي مصري عن دهشته من “إعادة التسمية السريعة” لهذه الجماعة، التي كانت في السابق مرتبطة بتنظيم القاعدة.
من جهتها، شعرت أبوظبي بالقلق إزاء التحركات الأمريكية لفتح قنوات تواصل خلفية مع هيئة تحرير الشام عبر تركيا، وهو ما أفشل خططها السابقة. فقبل انهيار النظام السوري، كانت الإمارات تسعى لعقد صفقة كبرى مع الولايات المتحدة للحفاظ على عائلة الأسد مقابل تسهيلات أمريكية لرفع بعض العقوبات. إلا أن التحوّلات المفاجئة على الأرض، وسيطرة المعارضة بدعم من تركيا، قضت على هذه الطموحات.
مرحلة ما بعد الربيع العربي
تشبه هذه المرحلة مرحلة ما بعد الربيع العربي عام 2011، حينما عارضت السعودية والإمارات الثورات الشعبية، واتهمتا تركيا وقطر بدعم الإخوان المسلمين. ويقول آرون لوند، الخبير في الشؤون السورية لدى “سنتشري إنترناشيونال”: “الحكّام الذين يعانون أساسًا من رهاب الحركات الإسلامية المعتدلة سيجدون أنفسهم مضطرين الآن للتعامل مع حركة أكثر قوة، وأقل قابلية للتنبؤ”.
ومع انهيار استراتيجية إعادة تأهيل الأسد المدعومة إماراتيًا وسعوديًا، يجد الخليجيون أنفسهم أمام خيارات محدودة تتلخص في قبول الأمر الواقع والتعامل مع هيئة تحرير الشام وتنامي نفوذ تركيا. أما الولايات المتحدة، فتبدو على استعداد للتعاون مع هذه المعادلة الجديدة على الأقل مرحليًا.
خلال السنوات الماضية، قادت الإمارات حراكًا سياسيًا ودبلوماسيًا لاستعادة العلاقات مع نظام الأسد، بما في ذلك إعادة فتح سفارتها في دمشق عام 2018، وتبادل الزيارات وتوقيع اتفاقيات اقتصادية ضخمة. غير أن التطورات الأخيرة أثبتت أن كل هذه الاستثمارات والرهانات الإماراتية لم تحقق شيئًا على أرض الواقع، لترسم بذلك صورة خيبة قاسية في استراتيجيات أبوظبي الإقليمية.