وطن – تشهد تركيا أزمة اقتصادية عميقة تتسبب في خلق تحديات هائلة للشباب، الذين يُطلق عليهم الآن “الجيل الضائع”. يعاني هذا الجيل من ارتفاع تكاليف المعي بشكل غير مسبوق، مما يجعل المستقبل قاتمًا بالنسبة للكثيرين.
الشباب في مواجهة تكاليف الحياة المرتفعة
يعاني الشباب الأتراك من أعباء مادية تثقل كاهلهم، حيث تُظهر الإحصائيات أن الأجور الشهرية لا تغطي حتى الاحتياجات الأساسية لمعظم الأسر. الأسعار المتصاعدة للسلع والخدمات، بالإضافة إلى انخفاض القدرة الشرائية لليرة التركية، تدفع الكثيرين للبحث عن فرص أفضل خارج البلاد.
يقول العديد من الشباب إنهم فقدوا الأمل في الاستقرار المالي أو تحقيق أحلامهم بسبب الأوضاع الاقتصادية. فالوظائف ذات الرواتب المجزية أصبحت نادرة، والأسعار اليومية أصبحت عبئًا يستحيل التغلب عليه.
الأسباب الاقتصادية للأزمة
تواجه تركيا تضخمًا متسارعًا، حيث بلغت معدلات التضخم مستويات قياسية، مما أدى إلى رفع أسعار المواد الغذائية، الإيجارات، والتعليم، والرعاية الصحية. هذا التضخم، المترافق مع سياسات اقتصادية غير مستقرة، جعل الطبقة المتوسطة تُعاني بشكل لم يسبق له مثيل.
ويُعزى هذا الوضع جزئيًا إلى قرارات الحكومة بشأن أسعار الفائدة ودعم المشاريع الكبرى التي استنزفت الموارد دون تحقيق نتائج ملموسة لتحسين معيشة المواطنين. كما أن انخفاض الثقة في الاقتصاد التركي أدى إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية.
هجرة الأدمغة: الخيار الأخير؟
مع انسداد الآفاق الاقتصادية، يختار العديد من الشباب الأتراك مغادرة البلاد بحثًا عن فرص أفضل في أوروبا أو أمريكا الشمالية. يُطلق على هذه الظاهرة اسم “هجرة الأدمغة”، حيث يفقد الاقتصاد التركي كوادره المؤهلة التي كان من الممكن أن تسهم في تحسين الوضع الداخلي.
تشير التقارير إلى أن أعداد المتقدمين للحصول على تأشيرات العمل والدراسة في الخارج قد تضاعفت في السنوات الأخيرة، مما يُظهر حجم الإحباط واليأس بين الشباب.
التعليم في خطر
ووفق تقرير لوكالة “أسوشيتدبريس” أصبحت التكاليف المرتفعة للتعليم عائقًا كبيرًا أمام الكثيرين، مما أدى إلى تقليص فرص التعليم العالي. وأكد الخبراء أن هذه المشكلة ستترك أثرًا طويل الأمد على البلاد، حيث إن انخفاض مستويات التعليم سيؤدي إلى فجوة في الكفاءات في المستقبل.
ما الحل؟
للتعامل مع هذه الأزمة، دعا خبراء الاقتصاد إلى اتخاذ تدابير إصلاحية عاجلة، بما في ذلك:
- تعزيز السياسات النقدية لكبح التضخم.
- تحسين بيئة الاستثمار لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
- زيادة دعم التعليم لتوفير فرص متساوية للشباب.
- تطوير برامج تدريب وتأهيل مهني لتحسين مهارات الشباب وجعلهم أكثر قدرة على المنافسة في سوق العمل.
الأمل في المستقبل
رغم التحديات، يرى البعض أن الأزمة قد تكون فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد التركي بطريقة أكثر استدامة. كما أن الضغط الشعبي قد يدفع الحكومة إلى تبني سياسات أكثر شفافية وعدالة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.