وطن – مشاهد غير مسبوقة تشهدها العاصمة السورية دمشق منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي، حيث امتلأت شوارع المدينة وجدرانها بالملصقات والمنشورات التي تحمل أسماء وصور المفقودين والمعتقلين. تحول البحث عن المفقودين إلى حركة شعبية واسعة، مع تدفق الأهالي إلى السجون والمعتقلات والأفرع الأمنية بحثًا عن أحبائهم الذين اختفوا خلال سنوات حكم الأسد.
وبعد أن فشل الكثيرون في العثور على ذويهم، لجأوا إلى الجدران والمعالم العامة في دمشق، فحولوا المدينة إلى معرض مفتوح للبحث عن المفقودين. كانت ساحة المرجة، وخاصة النصب التذكاري الشهير “عمود المرجة”، من أبرز الأماكن التي أصبحت ملتقى لعائلات المعتقلين. فقد امتلأت جدرانه بملصقات تحتوي على أسماء المفقودين، صورهم، وتفاصيل عن مكان وتاريخ اعتقالهم، إضافة إلى أرقام للتواصل مع من يملك أي معلومة عنهم.
لم تقتصر هذه الملصقات على المعتقلين الذين ما زالوا مجهولي المصير، بل شملت أيضًا الذين أُطلق سراحهم ولكنهم خرجوا فاقدي الذاكرة أو غير قادرين على التواصل. بعض هؤلاء كانوا من محافظات بعيدة، ولم يتمكن أقاربهم من الوصول إليهم بسرعة، مما دفع الناشطين إلى نشر صورهم وأوصافهم على الجدران في محاولة لجمع شمل العائلات المشتتة.
بحسب التقارير الحقوقية، فإن عدد المعتقلين والمخفيين قسرًا في سوريا بلغ أكثر من 112 ألف شخص، وهو رقم يعكس عمق المأساة الإنسانية التي خلفها نظام الأسد. ومع سقوطه، أصبح ملف المفقودين من أكثر القضايا إلحاحًا، وسط جهود أهلية ومنظمات حقوقية للكشف عن مصير هؤلاء الضحايا.
ما يحدث في دمشق اليوم هو شاهد حي على حجم المعاناة التي عاشها السوريون لعقود. وبينما يحاول الأهالي البحث عن إجابات، تظل جدران المدينة صدى لآلاف القصص التي لم تروَ بعد، في انتظار العدالة والمساءلة.
-
اقرأ أيضا: