لبنان ينهي الفراغ الرئاسي بانتخاب جوزيف عون رئيسًا وسط جدل قانوني
وطن – بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي، انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش جوزيف عون رئيسًا للجمهورية، وسط جدل واسع حول مشروعية ترشحه وفقًا للدستور اللبناني.
هذا الانتخاب جاء بعد فشل البرلمان في التوافق على رئيس جديد لأكثر من 13 جلسة اقتراع، ما جعل اختيار عون يبدو كحل توافقي بين الأطراف السياسية المتصارعة، رغم الخروقات القانونية التي تحيط بترشحه.
الدستور اللبناني ينص بوضوح على منع موظفي الفئة الأولى، ومنهم قادة الجيش، من الترشح للانتخابات الرئاسية، ما لم يقدموا استقالتهم قبل ستة أشهر على الأقل من موعد الاقتراع. ورغم ذلك، مضى البرلمان في عملية انتخاب جوزيف عون، متجاوزًا هذا الشرط القانوني، ما دفع بعض القوى السياسية والقانونية إلى التلويح بالطعن في شرعية انتخابه.
لم يكن انتخاب جوزيف عون قرارًا داخليًا فحسب، بل جاء في سياق إقليمي ودولي، حيث يحظى بدعم واضح من الولايات المتحدة، التي عززت علاقتها بالمؤسسة العسكرية اللبنانية مؤخرًا. فقد قامت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتحويل مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليون دولار، كانت مخصصة لمصر، إلى الجيش اللبناني، في خطوة اعتبرها البعض محاولة لتعزيز نفوذ واشنطن في لبنان على حساب قوى أخرى مثل حزب الله وإيران.
خلال جلسة الاقتراع، شهد البرلمان اللبناني مواجهات حادة بين عدد من النواب، حيث اعتبر بعضهم أن انتخاب قائد الجيش خرق دستوري يهدد المسار الديمقراطي في البلاد. في المقابل، يرى مؤيدو عون أن انتخابه يمثل خطوة ضرورية لكسر حالة الجمود السياسي التي عطلت عمل مؤسسات الدولة لأكثر من عامين.
ويخشى معارضو جوزيف عون من أن يكون انتخابه مقدمة لتكريس هيمنة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي في لبنان، وهو ما يتعارض مع التقاليد الديمقراطية في البلاد التي تعتمد على التوازنات الطائفية والمؤسسات المدنية. كما أن تجربة الحكم العسكري في المنطقة ليست مشجعة، حيث ارتبطت في العديد من الدول بانتهاكات حقوق الإنسان والتضييق على الحريات.
على الصعيد الشعبي، تراوحت ردود الفعل بين الارتياح لملء الفراغ الرئاسي، والقلق من التداعيات المحتملة لهذا الانتخاب على استقرار البلاد. فبينما يأمل البعض أن يكون لعون دور في إخراج لبنان من أزماته الاقتصادية والسياسية، يرى آخرون أنه لن يكون قادرًا على مواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظره، خاصة في ظل نفوذ القوى السياسية التقليدية التي ستظل تمارس تأثيرها على القرارات السيادية.
يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن جوزيف عون من قيادة لبنان خلال السنوات الست القادمة، أم أن الطعون القانونية والانقسامات السياسية ستعيد البلاد إلى مربع الفراغ الرئاسي؟ وهل ستنجح القوى السياسية المعارضة له في قلب الطاولة عليه، أم أن الدعم الدولي والإقليمي سيحميه من أي محاولات لإزاحته؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات.
- اقرأ أيضا: