محمد بن سلمان يُرسّخ نفوذه في لبنان: كيف فرض قائد الجيش رئيسًا للبلاد؟

وطن – في تحرك سياسي استراتيجي، نجح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في فرض قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيسًا للبنان، بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي. جاء ذلك بعد تحركات دبلوماسية وعسكرية مكثفة قادتها السعودية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لضمان وصول شخصية تتوافق مع المصالح الغربية، وتعميق عزلة حزب الله وإيران في الساحة اللبنانية.

خلال الأسابيع الأخيرة، زادت الضغوط السياسية والاتصالات الدبلوماسية بين الرياض وبيروت، حيث لعب الأمير يزيد بن فرحان، المبعوث الخاص لمحمد بن سلمان، دورًا رئيسيًا في توجيه المسار الانتخابي، عبر إقصاء المنافسين المحتملين وإجبار الكتل السياسية على دعم عون. الموقف السعودي لم يكن معزولًا، بل حظي بدعم مباشر من واشنطن وباريس، اللتين اعتبرتا انتخاب قائد الجيش خطوة مهمة لاستقرار لبنان ومنع توسع النفوذ الإيراني.

الضغوط لم تتوقف عند التحركات الدبلوماسية، بل امتدت إلى دعم مالي واقتصادي، حيث تعهدت الرياض بإعادة ضخ استثمارات مالية لدعم الاقتصاد اللبناني المنهار، في حال تمت إزاحة حزب الله وحلفائه عن المشهد السياسي. هذا النهج يعكس استراتيجية محمد بن سلمان القائمة على استخدام المال والنفوذ السياسي لفرض إرادته على الدول الإقليمية، تمامًا كما فعل في اليمن وليبيا والسودان.

لكن هذا التدخل السعودي في الشأن اللبناني لم يكن دون معارضة داخلية وإقليمية. فإيران اعتبرت انتخاب عون بمثابة انقلاب سياسي مدعوم من الغرب، بينما اعتبر حزب الله أن السعودية تلعب دورًا في تفكيك التركيبة السياسية اللبنانية لصالح مشروعها الإقليمي.

من ناحية أخرى، أثارت هذه التطورات تساؤلات حول شرعية انتخاب جوزيف عون، حيث ينص الدستور اللبناني على منع ترشيح قادة الجيش إلا بعد استقالتهم بستة أشهر على الأقل، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة، ما يضع علامات استفهام حول مدى قانونية هذه الانتخابات.

وفي أول تصريح له عقب فوزه، أكد جوزيف عون أن المملكة العربية السعودية ستكون وجهته الخارجية الأولى، في إشارة واضحة إلى الدور المركزي الذي لعبته الرياض في وصوله إلى السلطة. هذا التحرك يعكس تغيّر ميزان القوى في لبنان، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع السياسي بين المحور السعودي – الأمريكي والمحور الإيراني، مما قد يضع لبنان في قلب مواجهة جديدة بين القوى الإقليمية والدولية.

  • اقرأ أيضا:
لبنان ينهي الفراغ الرئاسي بانتخاب جوزيف عون رئيسًا وسط جدل قانوني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى