محمد الضيف.. أسطورة المقاومة الذي أرعب الاحتلال وارتقى شهيدًا في ساحات الجهاد

وطن – هتفت الجماهير باسمه من غزّة إلى الضفّة، وارتفعت الأصوات في كلّ الساحات تهتف: “حطّ السيف قبال السيف، إحنا رجال محمّد ضيف”. القائد العام لكتائب عزّ الدّين القسّام، رجل الظل الذي أرهق الاحتلال لعقود، والذي ظنّوا أنّهم أسقطوه مرارًا، لكنه كان دائمًا يعود أقوى وأشد بأسًا. اليوم يعلن الناطق باسم القسّام، أبو عبيدة، رسميًا ارتقاء محمد الضيف شهيدًا، لترجّل القائد الذي لا تلقيه الأرض إلا شهيدًا، على تراب غزّة التي دافع عنها بدمه وروحه.

اختارت كتائب القسام إعلان الخبر في يوم انتصار تاريخي شهده العالم بأسره، يوم تسليم الأسرى الإسرائيليين في مشهدٍ أذهل الجميع بتنظيمه ودقّته وانضباطه، وكأنه سمفونية عسكرية كانت تُعزف بقيادة البطل الشهيد محمد الضيف. لطالما شكل هذا القائد أسطورة حيّة، رجلًا لا يرى ولا يسمع، لكنه دائم الحضور، عقلًا مدبّرًا يُخطّط وينفّذ، وحين جاء موعد الرحيل، كان كما عاش.. شامخًا، مقاتلًا، في قلب الميدان.

من هو محمد الضيف؟ هو محمد دياب إبراهيم المصري، أحد أكثر القادة المطلوبين لدى الاحتلال الإسرائيلي. ولد عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين لعائلة فلسطينية فقيرة. درس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة وتخصص في علم الأحياء، وكان مولعًا بالمسرح، حيث أسّس أوّل فرقة فنية إسلامية في فلسطين، قبل أن ينضم إلى صفوف حركة حماس في أواخر الثمانينيات.

اعتقلته قوات الاحتلال عام 1989 لمدة 16 شهرًا، وحين خرج من السجن، كانت كتائب القسّام قد تأسست، فانضمّ إلى صفوفها وبدأ نشاطه العسكري تزامنًا مع اندلاع انتفاضة الأقصى الأولى. بعد اغتيال القائد القسامي يحيى عياش، تولى الضيف مسؤولية العمليات النوعية في الداخل المحتل، واضعًا بصمته في كبرى العمليات التي زلزلت كيان الاحتلال.

محاولات اغتيال الضيف كانت كثيرة، حيث استهدفته تسع غارات صهيونية، لكنه كان في كل مرة ينجو بأعجوبة، حتى أصيب في إحدى المحاولات، ما أدى إلى فقدانه إحدى عينيه وإصابته بجروح خطيرة، وفق روايات الاحتلال. وفي عام 2014، استهدفت غارة إسرائيلية منزله، ما أدى إلى استشهاد زوجته وابنه، لكنه خرج من تحت الأنقاض ليواصل قيادة القسّام في أكبر المعارك.

عاد اسمه إلى الواجهة مجددًا في 7 أكتوبر 2023، عندما ألقى خطابه الشهير وأعلن انطلاق عملية طوفان الأقصى، ليكتشف الاحتلال لاحقًا صورة حديثة تؤكد أنه كان على قيد الحياة وبصحة جيدة. لكن في منتصف يوليو 2024، زعم الاحتلال أنّه تمكن أخيرًا من اغتياله في غارة جوية على مواصي خان يونس.

لكن هل يُغتال القادة حقًا؟ نعم، تُسقطهم الطائرات والصواريخ، لكنهم يزرعون البذور لتنمو شجرة المقاومة، ليعلو صوتهم في كلّ الساحات، ويهتف الأحرار: “حطّ السيف قبال السيف، إحنا رجال محمّد ضيف”.

طوفان الضيف والسنوار.. أساطير المقاومة ترسم مشاهد الرعب من جديد
Exit mobile version