وطن – في تصعيد جديد يعكس التنافس المتزايد بين الجزائر والإمارات على النفوذ الإقليمي، شنّت صحيفة “العرب” اللندنية، الممولة من أبوظبي، هجومًا حادًا على الدبلوماسية الجزائرية، متهمة إياها بالفشل في إدارة ملفات الوساطة الإفريقية، خصوصًا في مالي والكونغو. واعتبرت الصحيفة أن التحركات الجزائرية في القارة ليست سوى محاولات “لتسجيل الحضور إعلاميًا”، دون تحقيق أي نتائج فعلية على الأرض.
الصحيفة زعمت أن الوساطة الجزائرية بين الأطراف المتصارعة في مالي تعاني من “تراجع واضح”، حيث لم تتمكن الجزائر من الحفاظ على اتفاق السلام الموقّع عام 2015 بين الحكومة المالية والفصائل المسلحة. أما فيما يتعلق بالأزمة المتصاعدة في الكونغو الديمقراطية، فقد قللت الصحيفة من أهمية المبادرة الجزائرية، معتبرة أنها مجرد “إرباك” للجهود الدولية المعتمدة، واصفة إياها بـ”العروض الثانوية التي لم تعد مستساغة”.
الهجوم الإماراتي على الجزائر يأتي في وقت تستعد فيه الأخيرة للعب دور رئيسي في تعزيز الأمن والاستقرار بالقارة الإفريقية، خاصة بعد تصاعد الاشتباكات بين جماعة “إم 23” المسلحة والقوات الحكومية في شرق الكونغو منذ بداية 2025.
وترى أبوظبي في هذا التحرك تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية، حيث تسعى إلى توسيع نفوذها في القارة الإفريقية عبر استثمارات ضخمة وتحالفات سياسية، وهو ما يضعها في منافسة مباشرة مع الجزائر التي تمتلك تاريخًا طويلًا في دعم حركات التحرر الإفريقية والمشاركة في جهود الوساطة الدولية.
لم يكن هذا الهجوم الإعلامي الأول من نوعه، إذ دأبت وسائل الإعلام الإماراتية على توجيه انتقادات متكررة للجزائر، خاصة بعد مواقفها المعارضة للسياسات الإماراتية في المنطقة. ويرى مراقبون أن هذا التصعيد يعكس توتر العلاقات بين البلدين، في ظل تنافسهما على النفوذ في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث تحاول الجزائر إعادة فرض نفسها كلاعب دبلوماسي فاعل، بينما تسعى الإمارات إلى تعزيز حضورها السياسي والاقتصادي في المنطقة عبر تحالفات جديدة.
وفي ظل هذا الصراع الخفي، يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح الجزائر في فرض نفسها كوسيط رئيسي في القارة الإفريقية، رغم محاولات التشكيك الإعلامي؟ أم أن النفوذ الإماراتي المتزايد سيضعف من قدرتها على التأثير في الملفات الإقليمية؟ الأيام القادمة قد تحمل الإجابة، في ظل استمرار التحركات الدبلوماسية الجزائرية، وتصاعد التوترات في القارة السمراء.
-
اقرأ أيضا: