قطر الرائدة والانطلاق إلى عصر ما بعد النفط (2)
مقترح علمي منهجي مقدم إلى
سمو أمير قطر الكريم
من العالم الموسوعي الأستاذ الدكتور بسيوني الخولي
أستاذ الاستراتيجية الدولية
لقد حان الوقت لإعلان قطر مصنع الشرق !!
بداءة أطرح هذا السؤال : ماذا لو بني كل شخص قطري طبيعي كان أو اعتباري مصنعاً بدلاً من أن يبني برجاً سكنياً قد لا تصل نسبة إشغاله أو تشغيله إلى 25% ؟! سؤال مهم ربما يكون قد طُرح متأخراً ، ولكنه طُرح بدافع الحاجة والضرورة بل والحتمية ، فالعالم يتطور وليس بالضرورة أنه يتقدم ؟! ويفرز متغيرات ومستجدات على مدار الساعة ، ومن لم يٌقدّر له فهم واستيعاب تلك المتغيرات والمستجدات والتجاوب معها سيخسر كثيراً ، وسيتخلف عن ركب العالم ، فنواقيس الخطر تدق معلنة أن الحقب القادمة هي حقب من يتحكمون في غذاء وحاجيات الإنسان ، أي في الصناعة بكل قطاعاتها !! .
ولعلنا على يقين من أن قطر بكافة أركانها ولا سيما اقتصادها هي الأكثر تأهيلاً وتأهلاً لأن تتقدم بجرأة وثبات إلى قطاع التصنيع ، فهو قطاع الإنتاج الحقيقي وضمان التنمية المستدامة والقاعدة الاقتصادية المتنوعة والدخول المتعددة والريادة في التنافسية الدولية .
الفرع الأول : فضيلة الانحياز للأفضل ودعم الأمثل والأوْلى بالتشجيع :
علّمونا كعرب ورسخوا في أذهاننا ألا ننحاز للأفضل ، وأكسبونا رذيلة أن نحقد على الأمثل بدلاً من أن نثني عليه ونغبطه وندعمه وندافع عنه ، لأن الانحياز للأفضل فضيلة ، ولأن دعم الأمثل وتشجيعه نبل وكرامة تحاكي القيمة في النفس الإنسانية ، وبصفة خاصة إذا كان الأفضل والأمثل يهمنا ويعود علينا بالخير والبركة كعرب وكمسلمين وكآدميين .
وفي هذا السياق أذكر أنني في شهر يناير من عام 2012م نشرت مقالاً في صحيفة الوطن الليبية وأنا على رأس عملي في الأكاديمية الليبية للدراسات العليا يتعلق بقطر كتجربة رائدة في الحكم الرشيد والمجتمع المتوازن المستقر والاقتصاد الناهض ، ولك أن تحدّث ولا حرج عن كم راجمات الشتائم والسباب والأوصاف التي وجهت صواريخها صوبي !!
وحدث نفس الأمر بل كان الأدهى والأمر عندما نشرت كتابي “ثورة الكرامة العربية”ـ فقه التغيير في كلية الوجود الإنساني ، في مستهل عام 2015م ، وتناولت في إحدى جزئياته الموقف والسلوك القطري من الثورات العربية ، وهنا كان شعور الكراهية والعدوانية في مواجهتي قد فاق الحدود ووصل إلى حد الاعتداء والإيذاء العضوي والتهديد بالاعتقال أو التصفية ، وتجاه الكتاب تم سحبه من معرض القاهرة الدولي ومن معارض أخرى داخل مصر والحمد لله أنه لم تتم مصادرته حتى الآن ، ولو حدث فلا ضير فقد انتشر الكتاب كالنار في الهشيم في الولايات المتحدة وأوروبا وعقدت جامعة ستانفورد ندوة عن الكتاب ، لقد حدث معي كل هذا لأنني قلت للجيد أنك جيد ، وحمدت لمن يستحق الحمد ، واقدم ما أملك من خبرة وعلم لمن يستحق !!
الفرع الثاني : أي نوع من التصنيع هو الأنسب والأكثر جدوى ؟ :
ونعود إلى ما بدأنا بصدد مقترحنا الذي نأمل أن يلفت انتباه سمو الشيخ تميم أمير قطر الكريم أو أحد المسئولين الذين هم على مقربة منه .
لأن ما أعددناه في دراستنا الاستشرافية لا ينبغي أن يُنشر ، إذ تتضمن الدراسة شرحاً مستفيضاً وتفصيلاً ضافياً لقطاع التصنيع الذي يناسب الاقتصاد القطري ، وهو قطاع له طبيعته ومواصفاته ومستلزمات قيام صناعاته ، وأهداف عمليات تصنيع منتجاته ، وميزات هذا النوع من التصنيع .
كما أن الدراسة تتضمن عملية تخطيط وتنفيذ دخول الاقتصاد القطري إلى ذلك القطاع ، ابتداءً من مبادئ الدخول إلى اقتصادياته ، ثم نواة التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ ، ثم تطوير النواة إلى مركز بحثي ، ثم تابعية المشروع ومصدر تمويله ، والإدارة والتنظيم ، ثم العنصر البشري ، ثم تخطيط مواقع المصانع ، ثم تطوير مركز البحث ، ثم تحديد أنواع المنتجات ، ثم تنويع مصادر التصنيع ، وأخيراً هوية المستوردين والمستخدمين لمنتجات القطاع .