كشفت وكالة أنباء روسية، تفاصيل الدور المرتقب لسلطنة عمان مع السعودية وقطر لصالح نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ومن ثم الدول العربية، وذلك بعد إعادة السلطنة لسفيرها في دمشق قبل عدة أيام.
وقالت وكالة “سبوتنك” الروسية، إن وزير الخارجية السوري ونائب رئيس الحكومة، وليد المعلم، تسلم أوراق اعتماد السفير العماني تركي بن محمود البوسعيدي، بحيث يكون السفير العماني تركي البوسعيدي، أول سفير خليجي يعود إلى دمشق بعد أن خفضت أو سحبت دول الخليج تمثيلها في سوريا، على الرغم من أن السلطنة حافظت على علاقاتها مع سوريا ولم تغلق سفارتها أبدا.
وحسب الوكالة، فقد عين السفير العماني في دمشق بمرسوم سلطاني في مارس/آذار الماضي، ويأتي تعيينه في هذا الوقت بعد أن كانت الإمارات قد أعادت افتتاح سفارتها في دمشق أواخر عام 2018.
قطعية سلطنة عمان وسوريا
ونقلت الوكالة، عن المحلل السياسي العماني سالم بن حمد الجهوري، قوله، إنه لا توجد قطيعة بين عمان وسوريا أصلا، وفي عز الأزمة كانت سفارتها مفتوحة ولم تغلق يوما ما، متابعاً: “قبل سنتين كنت أنا في دمشق والتقيت بالمسؤولين في السفارة، والأمور كانت تسير بشكل طبيعي”.
وأضاف الجمهوري: “ما حصل هو أن فترة السفير السابق انتهت، وأرادوا تعيين سفير جديد وهو السفير الحالي، لكن لم تكن العلاقة أبدا مقطوعة بين الجانبين، ووليد المعلم زار عمان والتقى بالسلطان الراحل، وافتتحوا مبنى السفارة السورية الجديد في مسقط، وتم مناقشة العديد من الجوانب، وكان هناك الكثير من الآراء المتبادلة”.
وأضاف: “كما نعرف عمان لها رؤية ثابتة، وهذه الرؤية هي التي جنبتها الكثير من الاصطفافات، كما حصل في معاهدة “كامب ديفيد” عام 1978 بين مصر وإسرائيل، أبقت عمان علاقتها مستمرة مع مصر، وهي الدولة الوحيدة تقريبا التي لم تقطع علاقتها مع مصر، ومن ثم عاد العرب من البوابة العمانية بعد حوالي 7-8 سنوات”.
وفي السياق، أكد المحلل السياسي، خميس قطيط، أن السفارة العمانية لم يتوقف عملها في سوريا وكذلك السفارة السورية في مسقط، ولم يتوقف كذلك التبادل الدبلوماسي بعد إغلاق السفارات، وحتى السفارة العمانية المتواجدة في دمشق كانت موجودة حتى منتصف عام 2012 تقريبا، وسحبت فقط لاعتبارات أمنية وكانت تمارس عملها من مكان آخر، استمرت العلاقات الدبلوماسية وحتى اليوم وإلى الغد إن شاء الله”.
ويتابع قطيط: “هذا الأمر يدل على الرؤية العمانية على موقف سوريا الصحيح في مواجهة المؤامرة التي أدت إلى هذه الأزمة، والموقف العماني والسوري يتطابقان في كثير من النقاط المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وخصوصا الإرهاب الخارجي الذي ضرب سوريا، والحمد لله أن سوريا اليوم تتطلع إلى إعلان النصر النهائي قريبا، وعودة السفارة إلى دمشق كأول سفارة خليجية يؤكد الحقائق التي ذكرتها سابقا”.
رغبة بالعودة للوراء
هذا وقال المحلل السياسي وعضو مجلس الشعب السوري السابق مهند الحاج علي، بأن هناك العديد من الدول العربية كانت تبدي رغبة بإعادة العلاقات مع الجمهورية العربية السورية، ويكمل: “أعني هنا العلاقات السياسية والدبلوماسية، وكانت هناك محاولات حثيثة لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، لكن هناك شروط سوريا لجامعة الدولة العربية، عندما تعود هذه الجامعة عربية”.
ويتابع: “هناك العديد من الدول الخليجية التي لم تقطع علاقتها مع سوريا، رغم كل الحملة الدعائية والإعلامية التي شنت خلال الحرب ضد سوريا، ومن بينها سلطنة عمان والإمارات العربية على سبيل المثال، لذلك بقيت بعض السفارات مفتوحة حتى وإن كانت على مستوى تمثيل دبلوماسي أخفض من مستوى السفير”.
ويواصل الحاج علي: “من ضمن هذه السفارات سلطنة عمان، والآن يعود السيد السفير إلى دمشق ليستلم مهامه، بعد أن استطاع الجيش السوري تحرير مساحات واسعة من الإرهابيين، وأصبح الوضع آمن حاليا”.
وتأتي عودة السفير العماني إلى دمشق في الوقت الذي تشارف فيه الأزمة السورية على نهايتها، مع بقاء بعض البؤر المتوترة فقط، وعما إذا ما كانت هذه العودة تشكل اعترافا بعودة سوريا إلى وضعها الطبيعي، يرى سالم بن حمد الجهوري بأن الوضع لم يتغير بالنسبة لسلطنة عمان، ويوضح: “القائم بإعمال السفير كان يقوم بأعمال السفير العماني لبضعة سنوات، ومن ثم انتهت مدة السفير السابق وجاؤوا الآن بسفير آخر، ولم يوجد بين سوريا وعمان أي مواقف أو قطيعة، والعودة كانت أمر طبيعي جدا”.
نهاية الأزمة السورية
فيما يرى المحلل خميس قطيط بأن الأزمة السورية تقترب من نهايتها، ويتابع: “خلال السنوات التسع الماضية تمت معالجة الأزمة بشكل احترافي من قبل القيادة السورية، وهذا بحق يعتبر مثار فخر لنا كعرب، بأن تعالج الأزمة بهذا المستوى الجدير في ظل الهجمة العالمية على سوريا، والتي اشتركت فيها قوى دولية لمحاربة وإسقاط قلعة عربية”.
ويضيف: “بلا شك أن عودة السفارة إلى دمشق دليل على أن الأزمة السورية انتهت تقريبا، ولم يتبقى إلا الإعلان الرسمي والنهائي، وإنهاء فلول الإرهاب هناك، وهذا انتصار كبير لسوريا وللأمة العربية كلها”.
أما البرلماني السابق مهند الحاج علي فيرى بأن هذه العودة بكل تأكيد هي اعتراف بعودة الوضع إلى ما هو عليه، ويكمل: “العلاقات السورية العمانية لم تنقطع أبدا، وكان هناك عدة زيارات للسيد وليد المعلم على سبيل المثال إلى سلطنة عمان في ظل الحرب والعدوان على سوريا، ولكن التوقيت الآن من الناحية السياسية هو تحدي لكل من يحاول عزل سوريا سياسيا.
ويواصل: هذا اعتراف بأنه لا يمكن عزل سوريا بسبب موقعها الجيوسياسي المهم جدا، والرابط بين الاتجاهات الأربعة، بالإضافة إلى علاقات سوريا القوية وخاصة مع روسيا الاتحادية، وبرأيي أن سوريا هي مفتاح سياسي للكثير من الدول التي هي صديقة وحليفة للجمهورية العربية السورية”.
وساطة عمانية
لطالما عرفت سلطنة عمان بدورها في الوساطة بين الدول، ولعبها دورا إيجابيا في الكثير من الملفات، وحول إذا ما كانت السلطنة قادرة على تقريب عواصم أخرى من دمشق ولا سيما الخليجية يقول سالم بن حمد الجهوري: “الحديث حول تقريب العلاقات بين الدول العربية وسوريا قائم منذ زمن، وطرح هذا الملف أكثر من مرة، وناقشته عمان مع الأشقاء العرب عدة مرات، وبالتالي الإمارات عادت تقريبا للعمل في سفارتها والكويت لديها سفارة أيضا، وأعتقد بقيت دولتين فقط هما السعودية وقطر”.
ويتابع: “طالما فتحت السفارة أيا كان من يديرها سواء كان القائم بالأعمال أو السفير، فهذا يعني عودة الأمور لطبيعتها بين الدول، أما عمان فلم تفتح سفيرها من دمشق، ولم يعلن في يوم من الأيام بأنها سحبت سفيرها، بل العلاقات كانت أكثر مما يتوقعها البعض، وهناك زيارات ووفود، وذلك قبل كورونا طبعا”.
كذلك يرى خميس قطيط بأن عمان تلعب دورا دبلوماسيا لافت ومهم ومؤثر، ولديها تجربة سباقة في محاولة تقريب مواقف الدول العربية بين بعضها وخصوصا تجاه سوريا، وعمان أيضا أسهمت في بعض اللحظات الحرجة التي تعرضت لها سوريا، وإن كان لم يعلن ذلك على المستوى الرسمي، ولكن عن طريق بعض وسائل الإعلام فقط.
ويواصل قطيط: “عمان تمتلك دبلوماسية حصيفة ومحاولة إنهاء الأزمة السورية، واستعادة سوريا لمكانتها والحفاظ ما يمكن حفظه في الوضع العربي الراهن، وأعتقد أن عمان ربما تسهم في عودة العلاقات مع بعض الدول الخليجية، وهنا نتحدث عن الإمارات والبحرين وربما غدا عن السعودية والكويت أيضا”.
الشعب السوري لن يسامح
وبدوره يؤكد مهند الحاج علي بأن هذا الكلام ممكن وكانت هناك العديد من الوساطات سابقا لتقريب وجهات النظر، ولكن الدولة السورية وحتى الشعب السوري لا يمكن أن يسامح كل من شارك في سفك الدم السوري، وقدم الأموال لقتل السوريين ودعم الإرهابيين.
ويكمل حديثه: “نحن رغم ذلك ليس لدينا شروط وإنما أمور إجرائية وحتى مبدأ سياسي، عام هو إنكار الإرهاب ومساعدة سوريا في محاربته، وكما قال الرئيس في مقابلته الأخيرة هو ليس إرهاب محلي ضد سوريا، بل هو إرهاب عالمي ودولي يهدد كل دول الشرق الأوسط والعالم”.
ويستطرد: “كما رأينا يستطيع الانتقال من ليبيا إلى أذربيجان إلى كثير من دول العالم عندما تتأمن له الظروف، لذلك يجب على الدول الخليجية أن تبدي حسن نية، وأن تساعد سوريا في مكافحة الإرهاب، أو أن يكون لها على الأقل موقف واضح من هذا الإرهاب، وبعدها ممكن أن نتحدث في كل التفاصيل”.
وعما إذا كانت هناك دول عربية أخرى قد تفتح سفارتها في دمشق قريبا، خصوصا بعد أن أعادت الإمارات العربية المتحدة سفارتها إلى دمشق، وإن لم يصل سفيرها إلى سوريا حتى الآن، يرى المحلل خميس قطيط بأن أن القاهرة في حاجة إلى عودة العلاقات السورية المصرية، وكذلك دول المغرب العربي كالمغرب، وإن كانت الجزائر وتونس قد أنهوا الامر، وكذلك السودان واليمن أعتقد أن علاقتهم أيضا ستكون على مستوى عالي.
ويتابع: “لذلك نحن في الفصل الأخير من هذه الأزمة، وعودة العلاقات الدبلوماسية مع العرب وجامعة الدول العربية تنهي الملف السياسي العربي مع سوريا، وهو اعتراف ضمني من قبل العرب بأن سوريا قد تجاوزت المرحلة بعون الله”.
وكذلك يرى مهند الحاج علي، ويوضح قوله: “هذه الدرجة الدبلوماسية تحدد حسب حاجة الدول وحسب الاتفاق المبرم بينها، ومن جهة أخرى هناك العديد من الوساطات لعودة الدول، وهناك الكثير من الدول العربية الراغبة في إعادة فتح سفاراتها في سوريا”.
ويكمل: “لكن للأسف بعض هذه الدول وخاصة الخليجية لا تملك قرارها السيادي، ولذلك هي بحاجة إلى موافقة من الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة هذه السفارات، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد تواصل بين سوريا وبينهم، هناك تواصل وتعاون في مختلف المجالات كالصحية والسياسية والدبلوماسية وحتى بعض المشاورات”.
ويختم: “ولكن هذه السفارات لا تستطيع أن تفتح إلا بموافقة، وأذكر على سبيل المثال عندما أبدت بعض الدول رغبته بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، رأينا موقف الرئيس ترامب كيف كان حادا بهذا الموضوع، وهدد بأنه سيسحب قواته من الخليج العربي، ويطبق العقوبات على دول الخليج، لذلك عندما تكون هذه الدول قادرة على اتخاذ قرار سيادي بفتح السفارات، أبواب دمشق ستكون مفتوحة لها”.
اقرأ أيضا: شبكة ألمانية ترصد انجازاً هاماً حققته سلطنة عمان .. تصدرت المركز الأول في الشرق الأوسط بهذا الأمر
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد..